شرع الله تعالى الذكر؛ لِما فيه من طمأنينة وراحة للنفس، حيث قال تعالى: (أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)،[١] ولِما يترتب عليه من فضل عظيم؛ فهو سبب لحفظ العبد، ودخول الجنة، ومغفرة السيئات،[٢] ويقصد بالذكر؛ تمجيد الله تعالى وتسبيحه وتحميده واستغفاره والثناء عليه، ونحو ذلك، ومن المواطن التي يشرع فيها الذكر عند الانتهاء من الصلاة، حيث أجمع أهل العلم على استحباب ذكر الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة، فهو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ)،[٣] فقول الذكر بعد الصلاة يجبر النقص والخلل الذي حصل في الصلاة، وتذكيراً للمسلم بالمداومة على استمرار الذكر والعبادة.[٤][٥]


الأذكار بعد الصلاة

يسنّ للمصلي عند الفراغ من صلاته وبعد أن يسلّم عن يمينه ويساره، أن يبقى جالساً ويردّد الأذكار التي وردت في السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبيانها كما يأتي:[٦][٧][٨]


الاستغفار

حيث يقول المصلي: "أستغفر الله"، ثلاث مرات، ثم يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، فعن الصحابي ثوبان رضي الله عنه أنه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ. قالَ الوَلِيدُ: فَقُلتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: كيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ).[٩]


التهليل

ويقصد بالتهليل قول: "لا إله إلا الله"، ومن صيغ التهليل التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

  • ما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إذَا سَلَّمَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّدُّ).[١٠]
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فجاء في الحديث: (كانَ ابنُ الزُّبَيْرِ يقولُ: في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، له النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ له الدِّينَ ولو كَرِهَ الكَافِرُونَ وَقالَ: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُهَلِّلُ بهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ).[١١]


التسبيح والتحميد والتكبير

أن يسبّح الله فيقول: "سبحان الله"، ثلاثاً وثلاثين مرّة، ويحمد الله تعالى فيقول: "الحمد لله"، ثلاثاً وثلاثين مرّة، ويكبر الله فيقول: "الله أكبر"، ثلاثاً وثلاثين مرّة، ثم يقول بعدها: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، وهكذا يكون عددها مئة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).[١٢]


قراءة آية الكرسي

يسنّ للمصلي أن يقرأ بعد صلاته آية الكرسي، وجاء في الحديث فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، فعن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ).[١٣]


قراءة سورة الإخلاص والمعوّذتين

يسنّ للمصلي أن يقرأ سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، فعن الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: (أمرَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أن أقرأَ بالمعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ).[١٤]


الدعاء

يسنّ للمصلي أن يدعو الله بعد الانتهاء من صلاته، ومن الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يأتي:

  • أن يقول: (اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ).[١٥]
  • أن يقول: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ، ومِنْ عَذَابِ النَّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).[١٦]
  • أن يقول: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بكَ مِنَ البُخْلِ، وأَعُوذُ بكَ مِن أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وعَذَابِ القَبْرِ).[١٧]


وتجدر الإشارة إلى أنه يسنّ أن يقول المصلي زيادة على ما سبق من الأذكار، بعد صلاتي الفجر والمغرب من الأذكار والأدعية المأثورة، ما يأتي:[١٨][١٩]

  • التهليل عشر مرات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن قال إذا صلَّى الصُّبحَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وَحْدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، عَشْرَ مرَّاتٍ؛ كُنَّ كعَدْلِ أربَعِ رِقابٍ، وكُتِبَ له بهِنَّ عَشْرُ حَسَناتٍ، ومُحِيَ عنه بهِنَّ عَشْرُ سيِّئاتٍ، ورُفِعَ له بهِنَّ عَشْرُ دَرَجاتٍ، وكُنْ له حَرَسًا مِن الشَّيْطانِ حتى يُمسِيَ، وإذا قالَها بعدَ المَغرِبِ فمِثلُ ذلك).[٢٠]
  • قول: "اللهم أجرني من النار"، ويكررها سبع مرات.
  • قول: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً".


المراجع

  1. سورة الرعد، آية:28
  2. أبو العلاء محمد بن حسين بن يعقوب السلفي المصري، الأنس بذكر الله، صفحة 117-118. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية:103
  4. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 154. بتصرّف.
  5. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، الأذكار للنووي، صفحة 150. بتصرّف.
  6. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 154-160. بتصرّف.
  7. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، الأذكار للنووي، صفحة 150-154. بتصرّف.
  8. أبو العلاء محمد بن حسين بن يعقوب السلفي المصري، الأنس بذكر الله، صفحة 115-116. بتصرّف.
  9. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصفحة أو الرقم:591، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة ، الصفحة أو الرقم:6330، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:594، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:597، صحيح.
  13. رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن أبو أمامة الباهلي ، الصفحة أو الرقم:97، صحيح.
  14. رواه الألباني، في صحيح أبي داود ، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم:1523 ، صحيح.
  15. رواه الألباني، في صحيح أبي داود ، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم:1522، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:1377، صحيح.
  17. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن سعد بن أبي وقاص ، الصفحة أو الرقم:6374، صحيح.
  18. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي ، الأذكار للنووي، صفحة 155-156. بتصرّف.
  19. أبو العلاء محمد بن حسين بن يعقوب السلفي، الأنس بذكر الله، صفحة 120-121. بتصرّف.
  20. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن أبو أيوب الأنصاري ، الصفحة أو الرقم:23518، صحيح.