يجب على المرأة الغُسل بعد الانتهاء من الحيض، ويكون الغُسل كما بيّنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بِما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "أنَّ أسْمَاءَ سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بهَا"،[١][٢] وفي المقال بيان كيفية الغُسل والطهارة من الحيض بعد انتهائه، وكيفية معرفة انتهاء مدّته، وبيان وتحديد مدّته.


الطهارة من الحيض

الطهارة من الحيض هي: غُسل أعضاءٍ الجسد كاملةً بعد انقطاع دم الحيض الذي يُعرّف بأنّه الدم الطبيعي الخارج من الرَّحم في أوقاتٍ معلومةٍ من الشهر.[٣][٤]


علامات ودلالات الطهارة من الحيض

يُستدّل على طهارة المرأة من الحيض بعلامَتين بيانهما فيما يأتي:[٥]

  • الجفاف التامّ: أي انقطاع دم الحيض وجفاف موضع نزوله، ويُعرف بإدخال أو إمرار قطنة أو ما يشبهها على الفرج وخروجها جافّةً لا شيء عليها.
  • السائل الأبيض: أي بانقطاع الدم ثمّ خروج سائل أبيض من موضع خروج الدم، فالسائل يدلّ على انتهاء فترة الحيض.


الغُسل بعد الطهارة من الحيض

يُعرّف الغُسل بأنّه تعميمم الماء الطاهر وإيصاله إلى جميع أعضاء الجسد بكيفيةٍ محدّدةٍ،[٦] ويكون الغسل على صورتين بيانهما آتياً:[٧]

  • الغُسل الكامل المسنون: ويكون بعقد النية في القلب على الغُسل والطهارة من الحيض، ثمّ التسمية، ثمّ غسل وتطهير موضع خروج دم الحيض، ثمّ غسل الكفّين ثلاث مرّاتٍ، وأداء الوضوء كاملاً، ثمّ غسل الرأس ثلاث مرّاتٍ مع الحرص على وصول الماء إلى أصول الشَّعر، ثمّ غسل كامل الجسد بالماء ودلكه، بدءاً بالشقّ الأيمن.
  • الغسل الواجب المفروض: ويكون بعقد النيّة على الغُسل، ثمّ تعميم كامل الجسد بالماء، وإيصال المء إلى كامل أعضاء الجسد.

مدّة الحيض

تختلف مدّة الحيض بين النساء، ومهما اختفلت إلّا أنّ لمدة الحيض مدة قُصوى ودُنيا وغالبة وقد اختلف العلماء في تحديدها، وبيان خلافهم آتياً:[٨]

  • الحنفية: قالوا إنّ أقلّ مدةٍ للحيض ثلاث أيامٍ مع لياليها، إي أنّ المدة الأقل من المدة السابقة تعدّ استحاضة، أمّا أوسط مدة الحيض خمسة أيامٍ، وأكثرها عشرة أيام مع لياليها، فما كان أكثر من ذلك فيعدّ استحاضة.
  • المالكية: لم يحدّدوا أقلّ مدّةٍ للحيض، أمّا أكثر مدّةٍ للحيض فتختلف باختلاف المرأة؛ فالتي حاضت حديثاً أكثر حيضها خمسة عشر يوماً، والتي اعتادت على الحيض فأكثر مدّة حيضها ما اعتادت عليه بإضافة ثلاثة أيام، والحامل التي تحيض أثناء حملها فأكثر حيضها عشرون يوماً إن كان الحمل تجاوز الشهرين، وثلاثون يوماً بعد ستة أشهرٍ من الحمل، أمّا المرأة المختلطة؛ وهي المرأة التي ترى الدم يوماً أو بضعة أيامٍ ثمّ تطهر يوماً أو بضعة أيامٍ ثمّ ترى الدم وهكذا، فلا تحصل لها طهارةً تامّةً، فيُحسب حيضها بعدّ الأيام التي ترى فيها الدم دون عدّ أيام الطهر الواقعة بين أيام الحيض، فتعدّ أيام الحيض حتى تبلغ خمسة عشر يوماً، وما زاد عنها تكون استحاضة، مع الحرص على الغُسل في كلّ يومٍ لا ترى فيه الدم احتياطاً إن كان تحقّق الطهر الكامل.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا إنّ أقلّ مدّةٍ للحيض يوماً وليلةً، فإن كان أقل فيعدّ استحاضة، وغالب الحيض ست أو سبع أيام، وأكثرها خمسة عشر يوماً وما زاد عنها يعدّ استحاضة.


أحكامٌ متعلّقةٌ بالطهر من الحيض

الخطأ في الطهر من الحيض

المرأة التي ظنّت أنّها تطهّرت من الحيض فاغتسلت وأدّت ما عليها من الصلوات، ثمّ تبيّن لها أنّها لم تطهر فعاد الدم أو أي أثرٍ من آثاره ولم تتجاوز أكثر مدّة الحيض تعدّ حائضاً، وتُعيد الغُسل بعد التأكّد من الطهارة تماماً.[٩]


الحيض بعد دخول وقت الصلاة

اختلف العلماء في حكم قضاء المرأة للصلاة التي دخل وقتها إلّا إنّها لم تُؤدّى بسبب نزول دم الحيض بعد دخول وقتها، أي أنّ المرأة كانت طاهرةً أوّل وقت الصلاة ثمّ حاضت، وبيان أقوالهم آتياً:[١٠]

  • الحنفية: قالوا بعدم وجوب قضاء الصلاة التي فاتت على المرأة بسبب الحيض بعد دخول وقت الصلاة، سواءً كان الحيض أوّل الوقت أم آخره.
  • المالكية: قالوا بوجوب القضاء إن حاضت المرأة قبل انتهاء وقت الصلاة بمدّة تكفي أداء ركعةٍ.
  • الشافعية: قالوا بوجوب القضاء إن كان الحيض قبل انتهاء وقت الصلاة بمدةٍ تكفي لأداء الصلاة كاملةً، فإن كانت المدة غير كافيةٍ فلا قضاء.
  • الحنابلة: قالوا بوجوب القضاء إن كان الحيض قبل انتهاء وقت الصلاة بمدةٍ تكفي لأداء تكبيرة الإحرام.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:332، صحيح.
  2. أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة (5/1/2014)، "الغسل من المحيض"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 374.
  4. عَبدالله بن محمد الطيّار، عبدالله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفقه الميسر، صفحة 15. بتصرّف.
  5. محمد حسن عبد الغفار، تيسير أحكام الحيض، صفحة 4. بتصرّف.
  6. صالح السدلان، رسالة في الفقه الميسر، صفحة 22. بتصرّف.
  7. صالح اللاحم، الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة، صفحة 67-69. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 615-616. بتصرّف.
  9. المفتي الدكتور نضال سلطان (18/6/2014)، "أحكام تخص المرأة المسلمة"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2021. بتصرّف.
  10. دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 159-161. بتصرّف.