الغسل في اللغة هو: مصدر من غَسْل الشيء، ويُعرّف في الاصطلاح الشرعيّ بأنّه: تعميم الماء على كلّ الجسد بكيفيةٍ مخصوصةٍ؛ تعبداً لله -عزّ وجلّ-.[١]


حكم الغُسل

يجب الغُسل إن وُجد السبب المُوجب له -سيتمّ بيان الأسباب لاحقاً-؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: "وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا".[٢][١]


مُوجبات الغُسل

يجب الغُسل بسبب عدّة أمورٍ بيانها آتياً:[٣]

  • خروج المني: وهو الماء الخارج بسبب الشهوة، ويتميّز برائحته القريبة من رائحة العجين، ويتميّز أيضاً بالتلذّذ عند خروجه،[٤] ويكون خروجه على حالتين بيانهما آتياً:
  • خروج المني حال اليقظة: اتّفق العلماء على أنّ خروج المني حال اليقظة بلذّة يُوجب الغسل، واختلفوا إن كان دون لذّة، وبيان خلافهم آتياً:
  • جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة: قالوا بعدم وجوب الغسل بسبب خروج المني دون لذّة حال اليقظة.
  • الشافعية: قالوا بوجوب الغسل بسبب خروج المني مهما اختلفت أحوال خروجه وصفاتها؛ أي أنّ الغسل يجب بسبب المني دائماً عند الشافعيّة.
  • خروج المني حال النوم: ويتفرّع إلى ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
  • الحالة الأولى: التيقّن من أنّه مَني؛ فإنّ تيقّن ذلك وَجَب الغسل حينها دون اشتراطٍ أيّ أمرٍ.
  • الحالة الثانية: التيقّن من أنّه مَذي -ماء أبيض رقيق يخرج بسبب الشهوة من غير دفقٍ-؛ وفي وجوب الغسل إن تيقّن ذلك عدّة أقوالٍ بيانها آتياً:
  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا بعدم وجوب الغسل إن تيقّن أنّه مَذي.
  • أبو حنيفة ومحمد: قالوا بوجوب الغسل إن تيقّن أنّه مَذي.
  • أبو يوسف من الحنفية: وجوب الغسل حال تذكُّر وقوع الاحتلام -ما يراه النائم من الجِماع والوطء.[٥]
  • الحالة الثالثة: الشكّ في الماء إن كان مَنياً أم مَذياً، وقد اختلف العلماء في وجوب الغسل بسبب تلك الحالة، وبيان خلافهم آتياً:
  • الحنفية: قالوا بوجوب الغسل حال تذكُّر الاحتلام، ووجوبه أيضاً حال عدم تذكُّره عند الإمام أبي حنيفة ومحمد بخلاف أبي يوسف.
  • المالكية: قالوا بوجوب الغسل حال الشكّ بين المَني والمَذي.
  • الشافعية: قالوا بعدم وجوب الغسل حال الشكّ بين المَني والمَذي.
  • الحنابلة: قالوا بوجوب الغسل إن لم يتقدّم النوم سبباً ما؛ كالمُلاعبة أو النظر، وعدم وجوب الغسل إن تقدّمت أحد الأسباب.
  • التقاء الختانين: ويُقصَد بالتقاء الختانين: الجِماع، والختان هو: موضع القَطع من عورة الرجل والمرأة،[٦] والتقاؤهما يُوجب الغُسل، حتى وإن لم يصاحب التقاءهما إنزالٌ للماء، وقد اختلف العلماء في وجوب الغسل حال الشكّ في التقاء الختانَين، وبيان خلافهم آتياً:
  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا بعدم وجوب الغُسل حال الشكّ في التقاء الختانين.
  • المالكية: قالوا بوجوب الغسل حال الشكّ في التقاء الختانين.
  • الموت: وقد اختلف العلماء في حكم تغسيل الميّت قبل دفنه، وبيان خلافهم آتياً:
  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا بوجوب تغسيل الميّت.
  • المالكية: قالوا إنّه يُسَنّ تغسيل الميّت.
  • الحيض: وهو الدم الخارج من رحم المرأة بعد بلوغها في وقتٍ معلومٍ من الشهر،[٧] وقد أجمع العلماء على وجوب الغسل على المرأة بعد انتهاء فترة الحيض.
  • النفاس: ويُعرَّف بأنّه المدّة المُحدّدة التي تَلي الولادة، والتي يُصاحبها خروج الدم من الرَّحِم)،[٨] وقد أجمع العلماء على وجوب الاغتسال بعد النفاس.


شروط الغُسل

شروط وجوب الغُسل

شروط وجوب الغُسل هي: الشروط التي يجب الغُسل إن تحقّق وجودها، ولا يجب إن فُقِد أحدها، وهي:[٩]

  • البلوغ: إذ لا يجب الوضوء على الصغير الذي لم يبلغ؛ سواءً كان ذكراً، أم أنثى، إلّا أنّه يصحّ منه.
  • دخول وقت الصلاة: إذ إنّ الصلاة لا تجب على المُكلّف إلّا بدخول وقت الصلاة، والصلاة لا تحلّ دون الوضوء؛ لذلك وجب الوضوء بدخول وقت الصلاة.
  • عدم الوضوء: إذ إنّ الوضوء لا يجب إن لم ينتقض الوضوء السابق.
  • القدرة على الوضوء: إذ إنّ الوضوء لا يجب على العاجز عن استعمال الماء بسبب مرضٍ ما على سبيل المثال.


شروط صحّة الغُسل

شروط صحّة الغُسل هي: الشروط التي لا يصحّ الغُسل إلّا بتحقُّقها كلّها، وهي:[٩]

  • طهارة الماء: فلا يصحّ الغُسل بالماء غير الطاهر.
  • التمييز: فلا يصحّ الوضوء من غير المُميّز.
  • عدم وجود حائلٍ: أي ألّا يوجد مانع من وصول الماء إلى العضو المُراد غَسله.
  • عدم وجود ما يُنافي الغُسل: فوقوع ما يُنافي الغُسل أثناءه يُبطله؛ كالتقاء الختانَين أثناء الغسل.


شروط وجوب وصحة الغُسل

شروط وجوب وصحّة الغُسل هي: الشروط التي لا يجب ولا يصحّ الغُسل إلّا بتحقُّقها كلّها، وهي:[٩]

  • الإسلام.
  • العقل: فالغُسل لا يجب على فاقد العقل؛ كالمجنون، أو المصروع، أو المعتوه، أو المُغمى عليه.
  • نقاء المرأة من الحيض والنفاس: فلا يجب الغُسل على الحائض أثناء فترة الحيض، وإن اغتسلت فغُسلها غير صحيحٍ.
  • عدم النوم أو الغفلة: فالنائم غير مكلّف أثناء نومه، وإن وقع الغُسل منه فغُسله غير صحيحٍ.


أركان الغُسل

يتحقّق الغُسل بتحقّق ركنَيه الآتي بيانهما:[١٠]

  • النية: وذلك بعَقد العَزم والإرادة في القلب على الغُسل، وتكون في القلب؛ لتتميّز العادة عن العبادة.
  • غسل جميع الأعضاء: فحقيقة الغسل تكون بغسل جميع أعضاء الجسد.


سُنن الغُسل

يُسَنّ للمسلم إتمام غسله على صفة غُسل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد ورد في صفة غُسله ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ"،[١١] ومن سُنَن الغسل التي تُستحسَن مراعاتها:[١٢]

  • غسل اليدين ثلاث مرّات.
  • غسل العورة وتطهيرها.
  • أداء الوضوء كاملاً كوضوء الصلاة، ولا حرج من تأخير غسل القدمَين إلى ما بعد الغسل.
  • غسل الرأس ثلاث مرّات، والحرص على الغسل وإيصال الماء إلى جميع شعر الرأس مع أصوله وجذوره.
  • غسل كامل الجسد بدءاً من الشقّ الأيمن منه، ثمّ غسل الشقّ الأيسر، مع الحرص على غسل الإبطَين، وداخل الأُذنَين، والسُّرة، وما بين الأصابع.


كيفية الغُسل

كيفية الغُسل الواجبة

الكيفية الواجبة للغُسل تكون بالإتيان بالواجبات دون السُّنَن؛ أي بعقد النيّة على الغُسل، ثمّ تعميم الماء على كامل الجسد.[١٣]


كيفية الغُسل المستحبّة

كيفيّة الغُسل المُستحبّة تكون بالإتيان بواجباته وسُنَنه، وتكون على النحو الآتي:[١٣]

  • عقد النيّة في القلب على الغُسل.
  • غسل الكفّين ثلاث مرّات.
  • غسل العورة وتطهيرها.
  • أداء الوضوء كاملاً.
  • غسل الرأس والشعر ثلاث مرّات مع إيصال الماء إلى جميع أجزائه.
  • غسل كامل الجسد بجميع أجزائه.


ما يُستحَبّ له الغُسل

يُستحَبّ من المسلم الغُسل لعدّة أمورٍ بيانها آتياً:[١٤]

  • الإحرام: يُسَنّ لِمن أراد الإحرام أن يغتسل؛ سواءً كان رجلاً أم امرأةً، صغيراً أم كبيراً، ويشمل ذلك الحائض والنفساء أيضاً.
  • الغسل من زوال العقل: يُسَنّ لِمن عَقِل بعدما كان فاقداً عقله أن يغتسل؛ كالمجنون، أو المغمى عليه، إذ يُشرَع الغسل في حقّهما إن أفاقا.
  • الغُسل للعيدين: يُسَنّ الغُسل قبل صلاة العيد باتّفاق العلماء.
  • الغسل يوم عرفة: يُسَنّ الغسل يوم عرفة للحاجّ.
  • الغسل للوقوف بمزدلفة: يُسَنّ للحاجّ الغُسل للوقوف بمزدلفة عند الحنفية والشافعية والحنابلة.
  • الغُسل لرَمي الجمرات: يُسَنّ للحاجّ أن يغتسل قبل رَمي الجَمَرات عند الحنفية والشافعية والحنابلة.
  • الغُسل لصلاة الكسوف والخسوف: يُسَنّ للمسلم أن يغتسل لصلاة الكسوف والخسوف عند الشافعية والحنابلة.


المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 28. بتصرّف.
  2. سورة المائدة، آية:6
  3. دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 11-203. بتصرّف.
  4. "علامات التفريق بين المني والمذي للمرأة"، إسلا ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-02. بتصرّف.
  5. "الاحتلام.. معناه.. وما يجب منه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-02. بتصرّف.
  6. "معنى التقاء الختانين"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-02. بتصرّف.
  7. محمد حسن عبد الغفار، تيسير أحكام الحيض، صفحة 4. بتصرّف.
  8. صالح اللاحم، الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة، صفحة 15. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 47-101. بتصرّف.
  10. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 72-75. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:316، صحيح.
  12. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 72-75.
  13. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 29. بتصرّف.
  14. دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 205-243. بتصرّف.