أمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بإقامة الصلاة والمحافظة عليه، فهي عمود الدِّين، قال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ)،[١] وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ)،[٢] كما أنّها من أعظم الأسباب التي تنهى العبد عن ارتكاب الفواحش والمنكرات والتزام أوامر الله، قال -سبحانه-: (أَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[٣][٤]


تأملات في آية: "أقم الصلاة لدلوك الشمس"

أجمع أهل التفسير على أنّ المقصود بقول الله -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ)،[٥] الصلوات الخمس التي تبدأ بصلاة الظهر؛ وهي أول صلاةٍ مفروضةٍ صلّاها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وبانتهاء وقتها يدخل وقت صلاة العصر الذي ينتهي بغروب الشمس ليدخل وقت صلاة المغرب ثمّ وقت صلاة العشاء الذي يمتدّ حتى نصف الليل كوقت اختيارٍ، وإلى ثُلث الليل الثاني كوقت اضطرارٍ، ثمّ ينقطع وقت الصلوات إلى رفع الأذان الثاني للفجر، وبرفعه يدخل وقت صلاة الفجر ثمّ تنقطع الصلوات إلى حين دخول وقت صلاة الظهر، فالوقت الممتدّ من طلوع الشمس إلى زوالها؛ أي إلى وقت صلاة الظهر يسمّى بدلوك الشمس؛ لأنّ الأربع صلوات تؤدّى تعاقباً ثمّ تؤدّى الفجر بوقتٍ منفصلٍ عن تلك الصلوات.[٦]


معنى دلوك الشمس

اختلف أهل اللغة والتفسير في معنى دلوك الشمس، وفيما يأتي بيان ما ذهبوا إليه:[٧]

  • القول الأول: إنّ دلوك الشمس يعني غروبها، وقد رُوي هذا القول عن جماعةٍ من الصحابة، فنُقل عن علي -رضي الله عنه- أنّه قال: "دلوك الشمس: غروبها"، ورُوي عن عبد الله بن مسعود القول ذاته، وهو القول رُواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهو القول الذي اختاره الفراء وابن قتيبة.
  • القول الثاني: إنّ دلوك الشمس هو زوالها عن كبد السماء؛ أي وقت صلاة الظهر، وهو اختيار الأكثرين من الصحابة والتابعين، وقد احتجّ أصحابُ هذا القول على صحته بوجوهٍ هي: ما رواه الواحدي في البسيط عن جابر أنّه قال: "طعم عندي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه ثمّ خرجوا حين زالت الشمس فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هذا حين دلكت الشمس"، وقال أهل اللغة في معنى الدلوك في كلام العرب الزوال فقد كانوا يقولون للشمس إذا زالت نصف النهار دالكةً، وقيل لها إذا أفلت -غابت- دالكةً؛ لأنّها في الحالتين زائلة"، وقال الأزهري: "الأولى حمل الدلوك على الزوال في نصف النهار، والمعنى (أقم الصلاة) أي أدمها من وقت زوال الشمس إلى غسق الليل، وعلى هذا التقدير فيدخل فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء".


فوائد ودلائل في آية: "أقم الصلاة لدلوك الشمس"

دلّت الآية القرآنية السابقة على عدّة فوائد ولطائف ودلائل، اًتياً ذكرُ بعضها:[٨]

  • الإشارة إلى وجوب الصلاة في أول الوقت، واستحباب أداء صلاة الفجر قبل بزوغ ضوء الشمس.
  • الدلالة على فضل صلاة الفجر وفضل طول القراءة فيها.
  • بيان اشتراط دخول وقت الصلاة للحكم عليها بالصحة.
  • أمر الله -تعالى- في الآية السابقة بإقامة الصلاة، ممّا يدلّ على أنّها مفروضةٌ واجبةٌ على المسلمين.

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:238
  2. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:413، صحيح.
  3. سورة العنكبوت، آية:45
  4. الشيخ محمد طه شعبان (20/5/2017)، "إقامة الصلاة"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/10/2021. بتصرّف.
  5. سورة الإسراء، آية:78
  6. صالح المغامسي، تأملات قرآنية المغامسي، صفحة 11. بتصرّف.
  7. إسلام ويب، "قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 8/10/2021. بتصرّف.
  8. الدرر السنية موسوعة التفسير، "سورة الإسراء الايات من 78-81"، الدرر السنية موسوعة التفسير، اطّلع عليه بتاريخ 8/10/2021. بتصرّف.