صلاة التراويح

التراويح في اللغة: جميع ترويحة، وتُطلق على استراحة النفس بعد مشقةٍ وتعبٍ، وصلاة التراويح هي: صلاة القيام في شهر رمضان، وسميّت بصلاة التراويح؛ للاستراحة بعد كلّ أربع ركعاتٍ، إذ كانوا يُطيلون القيام في الصلاة، ولذلك كانوا يستريحون.[١]


حكم صلاة التراويح

أجمع العلماء على أنّ صلاة التراويح من السنن المؤكّدة الثابتة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[٢] وقد ورد اتّفاق العلماء على أنّ المُراد بالقيام في الحديث السابق صلاة التراويح،[٣] كما ثبت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أدّى صلاة التراويح، وأدّاها مع المُسلمين، ثمّ استمرّ في أدائها لوحده، وكان المسلمون يؤدوها كلٌّ بمفرده، وتوفّي النبيّ -علي الصلاة والسلام- والأمر على ذلك، وبقي أيضاً الأمر على حاله طيلة فترة خلافة أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه-، ثمّ أصبح المسلمون يؤدوها جماعةً في خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، حين رأى المسلمين كلٌّ يصلّي بمفرده، فجمعهم على أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، إذ قال عمر -رضي الله عنه-: (إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ).[٤][٣]


حكم صلاة التراويح جماعةً

اتّفق العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنّ الجماعة في صلاة التراويح سنةٌ، استدلالاً بعدّة أدلةٍ صحيحةٍ بيانها آتياً:[٥]

  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم وذلكَ في رَمَضَانَ)،[٦] ويُستدلّ من الحديث أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أدّى صلاة التراويح جماعةً، إلّا أنّه تركها خشيةً على المسلمين من أن تُفرض عليهم.
  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالرحمن بن عبدٍ القارئ -رضي الله عنه- أنّه قال: (خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ).[٤]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 135. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:37، صحيح.
  3. ^ أ ب عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 358-359. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالرحمن بن عبد القارئ، الصفحة أو الرقم:2010، صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 470. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1129، صحيح.