حكم صلاة الوتر

اتفق العلماء على مشروعية صلاة الوتر إلّا أنّهم اختلفوا في حكمها وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[١]

  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ صلاة الوتر سنةٌ مؤكدةٌ، مستدلين بقوله -صلّى الله عليه وسلّم- للأعرابي الذي سأله عمّا فرض الله عليه من الصلاة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (خمس صلوات، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوَّع)،[٢] ولأداء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صلاة الوتر على راحلته دون ضرورةٍ فأشبهت بذلك السنة، وروى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يؤدي الوتر وهو على الدابة.
  • الإمام أبو حنيفة: قال إنّ صلاة الوتر واجبةٌ مستدلاً بقوله -صلى الله عليه وسلم- بحديثٍ ضعيفٍ نصّه: (الوِترُ حقٌّ فمَن لَم يوتِرْ فليسَ منَّا الوِترُ حقٌّ فمَن لَم يوتِرْ فليسَ منَّا الوِترُ حَقٌّ فمَن لَم يوتِرْ فليسَ منَّا).[٣]


عدد ركعات صلاة الوتر

أدنى كمال الوتر عند العلماء ثلاث ركعاتٍ، وأقلّ الوتر عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة الإتيان بركعةٍ واحدةٍ وليس في ذلك كراهةٌ ولكنّه مخالفٌ للأولى، أمّا أقلّه عند الحنفية ثلاث ركعاتٍ، وأكثر الوتر إحدى عشر أو ثلاثة عشر ركعةً، ويجوز للمصلّي أن يفصل بين كلّ ركعتين بسلامٍ ثمّ يسلّم من الركعة الأخيرة، بأن يصلّي ركعتين ركعتين ثم يأتي بواحدةٍ، وله أن يسردها كلها بأن يجلس قبل الركعة الأخيرة فيتشهّد ثمّ يقوم فيأتي بركعةٍ ثمّ يسلّم، وله أن يسردها دون تشهدٍ ويسلّم في نهايتها، واتفق الفقهاء على وجوب قراءة الفاتحة في كلّ ركعةٍ، ويسنّ الإتيان بسورة بعدها، فيقرأ المصلّي ما يشاء ولا يعود إلى القيام بعد الركوع إن تركها.[٤]


وقت صلاة الوتر

فصّل العلماء في وقت صلاة الوتر وفيما يأتي بيان ما ذهبوا إليه:[٥]

  • الشافعية والحنابلة: قالوا إنّ وقت صلاة الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي برفع الأذان الثاني الفجر، ويستحب أن يوالي المصلي بين سنة العشاء والوتر، وليس له أن يصلي الوتر قبل صلاة العشاء، ويجوز للمصلي إن جمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديمٍ أن يصلّي الوتر بعد الانتهاء من صلاة العشاء حتى وإن لم يدخل وقت العشاء.
  • المالكية: قالوا إنّ وقت صلاة الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي برفع الأذان الثاني للفجر، ولا يجوز أداء الوتر بعد صلاة العشاء إن جُمعت مع صلاة المغرب جمع تقديمٍ، فالوتر لا يؤدّى إلّا بعد دخول وقت صلاة العشاء.
  • الحنفية: قالوا إنّ وقت صلاة الوتر هو وقت العشاء، فيبدأ من رفع أذان العشاء وينتهي برفع الأذان الثاني للفجر، ويجب الترتيب بين العشاء والوتر، أي أنّه يؤدّى فرض العشاء أولاً ثمّ الوتر.


أحكامٌ متعلقةٌ بالوتر

المستحب في الوتر

يستحبّ أن تكون آخر صلاة الليل وتراً باتفاق الفقهاء، فإن عزم المصلي على التهجد آخر الليل ووثق من قيامه أخّر وتره؛ لأنّ صلاة الليل مشهودةٌ، أمّا إن شكّ في قيامه فيستحب أن يصلي الوتر قبل نومه،[٦] لحديث الرسول-صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْل فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْل، فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْل مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَل).[٧]


تكرار الوتر

مَن أوتر أول الليل ثمّ تهجّد فلا يُعيد الوتر مرةً أخرى؛ إذ لا وتران في ليلةٍ.[٨]


قضاء الوتر

مَن طلع عليه الصبح أو غلبه نوم ولم يوتر ليلاً فيُشرع له أن يقضي صلاة الوتر في وقت الضحى، فيصلّي مثل عادته في صلاة الوتر عدداً فردياً ويزيد عليها ركعةً لتصبح شفعاً، فإن كان يصلي ثلاثاً يقضيها أربعاً وإن كان يصلي خمساً يقضيها ستاً وهكذا.[٩]

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 1011. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيدالله ، الصفحة أو الرقم:2678، صحيح.
  3. رواه الألباني، في ضعيف أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:1419، ضعيف.
  4. محمد الطايع (16-2-2010)، "صلاة الوتر: فضائل وأحكام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2021. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 294-292. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 293. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:755 ، صحيح.
  8. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 114-115.
  9. محمد الطايع (16-2-2010)، "صلاة الوتر: فضائل وأحكام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2021. بتصرّف.