تُعدّ صلاتا الفجر والعصر من الصلوات الخمس التي فَرَضها الله -تعالى- على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ في اليوم والليلة، ويُطلَق عليهما البُردَين؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ"،[١] وتتعلّق بهما العديد من المسائل التي سيتمّ بيانها آتياً.[٢][٣]


صلاتا الفجر والعصر

عَظّم الله -عزّ وجلّ- وقتَي الفجر والعصر، وخصّهما بأداء صلاتَين عظيمتَين يُطلَق عليهما اسم (البُردَين)؛ وهما: صلاة الفجر، وصلاة العصر، ولأهمّيتهما رتّب الله -سبحانه- أجراً عظيماً للمسلم إن حافظَ على أدائهما، وهما أيضاً سبب في دخول الجنّة؛ إذ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ".[١][٣]


وقت صلاتَي الفجر والعصر

تُؤدّى الصلوات المفروضة في أوقاتٍ مُحدّدة، وبيانها آتياً:

  • وقت صلاة الفجر: يبدأ وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني (أذان الفجر الثاني)، وينتهي بطلوع الشمس.[٤]
  • وقت صلاة العصر: يتفرّع وقت صلاة العصر إلى وقتٍ اختياريّ، ووقتٍ ضروريّ، وبيانهما فيما يأتي:[٥]
  • الوقت الاختياريّ لصلاة العصر: يبدأ وقت صلاة العصر الاختياريّ من حين رَفع أذان العصر، وينتهي باصفرار الشمس، وتجدر الإشارة إلى أنّ تحديد اصفرار الشمس يختلف باختلاف البلاد والفصول.
  • الوقت الضروريّ لصلاة العصر: يبدأ وقت صلاة العصر الضروريّ لأصحاب الأعذار؛ كالنائم، والناسي، من حين اصفرار الشمس إلى حين غروبها.


عدد ركعات صلاتَي الفجر والعصر

تُؤدّى فروض الصلوات بعدد ركعاتٍ مُعيّن بيانه آتياً:[٦]

عدد ركعات فرض الفجر: ركعتان.

عدد ركعات فرض العصر: أربع ركعاتٍ.


كيفيّة صلاتَي الفجر والعصر

تُؤدّى صلاتا الفجر والعصر بالكيفيّة المخصوصة ذاتها، إلّا أنّهما تختلفان في عدد الركعات فقط، وبيان ذلك فيما يأتي:[٧]

  • التأكُّد من طهارة الجسد والمكان والثياب، والوضوء.

• أداء الصلاة بعد دخول وقتها.

• استقبال القِبلة.

• عَقد النيّة في القلب على أداء الصلاة المُرادة.

• أداء تكبيرة الإحرام، بقول: "الله أكبر".

• ترديد دعاء الاستفتاح؛ ومن صِيغه المأثورة: "اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ"،[٨] وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك العديد من الصِّيغ الأخرى لاستفتاح الصلاة، والتي يمكن للمسلم أن يبدأ صلاته بأيٍّ منها.

• الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

• البسملة.

• قراءة سورة الفاتحة غيباً.

• قول: "آمين" بعد سورة الفاتحة، للإمام، والمأموم، والمنفرد.

• قراءة ما تيسّر من القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة.

• الركوع بقول: "الله أكبر".

• قول: "سبحان ربّي العظيم" في الركوع مرّة، ويُسَنّ تكراره ثلاث مرّات أو أكثر.

• الرفع من الركوع بقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد من غير المأموم.

• الاعتدال من الركوع، وقول: "ربّنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعدٍ" للإمام، والمأموم، والمنفرد.

• السجود على سبعة أعضاءٍ بقول: "الله أكبر"؛ والأعضاء هي: الجبين مع الأنف، والركبتان، وبواطن الكفّين، وبواطن أصابع القدمَين.

• قول: "سبحان ربّي الأعلى" في السجود مرّة، ويُسَنّ تكراره ثلاث مرّات أو أكثر.

• الرفع من السجود بقول: "الله أكبر".

• أداء السجود الثاني كالأول.

• القيام من السجود الثاني لأداء الركعة الثانية بقول: "الله أكبر".

• أداء الركعة الثانية كالأولى.

• الجلوس بعد السجود الثاني من الركعة الثانية للتشهُّد؛ بقول: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ".[٩]

• ترديد الصلاة الإبراهيمية بقول: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".[١٠]

  • التسليم عن اليمين واليسار إن كان المصلّي يُؤدّي صلاة الفجر.

• القيام بعد التشهُّد وقبل الصلاة الإبراهيمية لأداء الركعتَين؛ الثالثة، والرابعة إن كان المصلّي يُؤدّي صلاة العصر.

• أداء الركعتَين؛ الثالثة، والرابعة كسابقتَيهما، مع الاكتفاء بقراءة سورة الفاتحة فقط.

• الجلوس بعد السجود الثاني من الركعة الرابعة للتشهُّد، والصلاة الإبراهيميّة.

  • التسليم عن اليمين واليسار.


الجهر والإسرار في صلاتَي الفجر والعصر

يُؤدّي كلٌّ من الإمام والمنفرد صلاة الفجر جهريّةً؛ وذلك برَفع الصوت في القراءة والتكبيرات، والإسرار في الأدعية والأذكار، أمّا صلاة العصر فتُؤدّى سرّية؛ وذلك بخَفض الصوت فيها،[١١] وتجدر الإشارة إلى أنّ الجهر والإسرار يكون للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، إلّا أنّ المرأة لا تجهر في الصلوات الجهريّة إن كانت تُؤدّي الصلاة في وجود رجلٍ أجنبيّ عنها -من غير المَحارم- يسمع صوتها.[١٢]


سُنَن صلاتَي الفجر والعصر

تتعلّق بصلاتَي الفجر والعصر سُنَنٌ واردةٌ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وبيان ذلك آتياً:[١٣]

سُنّة صلاة الفجر: يُسَنّ أداء ركعتَين قبل فرض الفجر، وهما من السُّنَن المُؤكَّدة التي واظبَ عليها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.

سُنّة صلاة العصر: يُسَنّ أداء أربع ركعاتٍ قبل فرض العصر، وهي من السُّنَن غير المُؤكَّدة التي كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يفعلها غالباً، ويتركها أحياناً.


فضل صلاتَي الفجر والعصر

تترتّب العديد من الفضائل والأجور على أداء صلاتَي الفجر والعصر، ومنها أنّ:[١٤][٣]

• المحافظةَ على صلاتَي الفجر والعصر سببٌ لدخول الجنة؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ"،[١] والبُردَان: صلاتا الفجر والعصر.

• أهمّية صلاة العصر دلّ عليها قول الله -تعالى-: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى"،[١٥] والمُراد بالصلاة الوُسطى صلاة العصر؛ فتخصيص ذكر صلاة العصر يدلّ على عظيم أجر المحافظة عليها.

• صلاةَ الفجر فُضِّلت على الحياة الدُّنيا بما فيها مَلذّات وشَهواتٍ؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا".[١٦]

  • أجرَ أداء صلاة الفجر في جماعةٍ يُعادل أجرَ قيام نصف الليل؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ".[١٧]
  • المحافظةَ على صلاتَي العصر والفجر سببٌ لرؤية وجه الله -عزّ وجلّ- يوم القيامة؛ فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "أما إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا، لا تُضَامُّونَ -أوْ لا تُضَاهُونَ- في رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا ثُمَّ قَالَ: وسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا"؛[١٨] والمقصود بذلك صلاتَي الفجر والعصر.
  • البُعدَ عن النار يكون بالمحافظة على صلاتَي الفجر والعصر؛ إذ أخرج البخاريّ في صحيحه أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ".[١٩]


المراجع

  1. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:574، صحيح.
  2. عبدالله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 21. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت إسلام ويب (21/6/2012)، "المحافظة على صلاة الفجر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2020. بتصرّف.
  4. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 564. بتصرّف.
  5. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 166-167. بتصرّف.
  6. عبدالله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 21-22. بتصرّف.
  7. عبدالله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 22-30. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:744، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7381، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:6357، صحيح.
  11. دار الإفتاء المصرية، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 25. بتصرّف.
  12. لجنة الفتوى (8/8/2019)، "جهر المرأة بالقراءة أثناء الصلاة فيه تفصيل"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2020. بتصرّف.
  13. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 590-591. بتصرّف.
  14. سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 16. بتصرّف.
  15. سورة البقرة، آية:238
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:725، صحيح.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:656، صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جرير بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:573، صحيح.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمارة بن رويبة، الصفحة أو الرقم:634، صحيح.