صلاة الوتر وحكمها

الوتر في اللغة بفتح أو كسر الواو هو: الفرد، أو العدد الفردي؛ كالواحد، والثلاثة، والخمسة، وغيرها من الأعداد، وصلاة الوتر في الاصطلاح الشرعي هي: الصلاة التي تؤدّى من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر، وسميّت بصلاة الوتر؛ لأنّها تؤدّى بعددٍ فرديٍ من الركعات؛ فإمّا أن تؤدى ركعةً، أو ثلاث ركعاتٍ، أو خمس، وغير ذلك، وقد اختلف العلماء في حكمها، وبيان خلافهم آتياً:[١]

  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ الوتر سنةٌ مؤكدةٌ ثبتت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن طلحة بن عُبيدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أجاب الأعرابي الذي سأله عمّا افترض الله -تعالى- عليه فقال له: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ).[٢]
  • أبو حنيفة: قال إنّ الوتر واجبٌ وليس سنةً مؤكدةً، استدلالاً بما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ اللهَ زادَكُم صلاةً، وهي الوِترُ، فصلُّوها بينَ صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الفجرِ)،[٣] فالأمر في الحديث يدلّ على وجوب صلاة الوتر.


فضل صلاة الوتر

رتّب الله -تعالى- عظيم الأجر والفضل على أداء الوتر؛ إذ إنّه من العبادات العظيمة، وبيان بعض الفضائل فيما يأتي:[٤]

  • نيل أجر الاقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد اهتمّ بها واعتنى بها، وحرص على أدائها في جميع الأحوال، فكان يؤدّي الوتر في الحضر والسفر، وثبتت عنه عدّة أحاديث تدلّ على فضل الوتر وأهميّته، منها: ما ثبت عنه أنّه قال: (إنَّ اللهَ زادكم صلاةً فحافِظوا عليها، وهي الوِترُ"،[٥] وقال أيضاً: "إنَّ اللهَ تعالى قدْ أمدكمْ بصلاةٍ هي خيرٌ لكمْ من حمرِ النعمِ، الوترُ جعلَها اللهُ لكمْ فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى أنْ يطلعَ الفجرُ).[٦]
  • الوتر سببٌ من أسباب نيل محبّة الله -تعالى-، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللهَ وترٌ يحبُّ الوترَ).[٧]
  • نيل الحسنات والأُجور المضاعفة، ولذلك حذّر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من التهاون في أداء الوتر، وعدم المحافظة عليه، فقال: (مَن لم يُوتِرْ فليس مِنَّا).[٨]
  • العمل بوصية النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد أوصى الكثير من الصحابة -رضي الله عنهم- بأداء الوتر؛ كأبي هريرة، وأبي الدرداء، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ).[٩]
  • أداء صلاةٍ من أعظم الصلوات عند الله -عزّ وجلّ-، تدلّ على ذلك كثرة النصوص النبويّة الواردة فيها، منها: ما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الوِترُ حقٌّ على كلِّ مسلمٍ، فمن أحبَّ أن يوترَ بخمسٍ فليفعَلْ ومن أحبَّ أن يوترَ بثلاثٍ فليفعل، ومن أحبَّ أن يوترَ بواحدةٍ فليفعَلْ).[١٠][١١]


المراجع

  1. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 352-350. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيدالله، الصفحة أو الرقم:2678، صحيح.
  3. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي بصرة الغفاري، الصفحة أو الرقم:108، إسناده صحيح.
  4. الوليد بن عبدالرحمن الفريان، القنوت في الوتر، صفحة 7-8. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1772، صحيح.
  6. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن خارجة بن حذافة العدوي، الصفحة أو الرقم:1751، صحيح.
  7. رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:14/15، إسناده صحيح.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:9717، حسن لغيره.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1981، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1422، صحيح.
  11. "من النصوص النبوية الواردة في الوتر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.