الصلاة على الميت وهي ما تعرف بصلاة الجنازة من الأمور التي اختصت بها الأمة الإسلامية، حيث أجمع جمهور أهل العلم على مشروعيتها وأنها من فروض الكفاية، التي إن قام بها البعض سقطت عن الآخرين، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه:(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُؤْتَى بالرَّجُلِ المُتَوَفَّى، عليه الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟، فإنْ حُدِّثَ أنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وإلَّا قالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا علَى صَاحِبِكُمْ)،[١] حيث شُرعت صلاة الجنازة؛ طلباً للمغفرة والرحمة للميت منه سبحانه، وأن يتغمده بلطفه وكرمه، حيث أصبح الميت في حالة لا يقدر فيها على العمل والسعي، وإن حضور صلاة الجنازة وشهودها سببُ لتحصيل الأجر العظيم ونيل الأجر الكبير، وفيها مواساة لأهل الميت في مصيبتهم والتخفيف عنهم.[٢][٣]


كيفية الصلاة على الميت

تؤدّى صلاة الجنازة بأربع تكبيرات، وتسليم، حيث إنها صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، وفيما يأتي بيان كيفيتها عند كل مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة:[٤]


الحنفية

قال الحنفية أن صلاة الجنازة تؤدّى بوقوف المصلي عند صدر الميت، سواءٌ كان الميت رجلاً أو امرأة، وينوي أداء فريضة الصلاة، على وجه التعبد لله تعالى، ثم يكبّر أربع تكبيرات:

  • يكبر تكبيرة الإحرام، حيث يرفع يديه فيها، ويقرأ بعدها دعاء الاستفتاح، وله صيغ عديدة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الصيغ: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ تبارَكَ اسمُكَ وتَعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ).[٥]
  • ثم يكبّر التكبيرة الثانية، دون أن يرفع يديه فيها، ويقرأ الصلاة الإبراهيمية، ومن أشهر صيغها: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[٦]
  • ثم يكبّر التكبيرة الثالثة، دون رفع اليدين، ويدعو بعدها للميت ولجميع المسلمين.
  • ثمّ يكبّر التكبيرة الرابعة، دون رفع اليدين أيضاً.
  • ثم يسلّم عن يمينه، وينوي بها السلام على من عند يمينه، ويسلّم عن شماله، وينوي بها السلام على من عند يساره، ولا ينوي بهما السلام على الميت.
  • يسرّ المصلي في جميع ما يقرؤه في الصلاة، إلا التكبيرات الأربع فإنه يجهر فيها.


المالكية

قال المالكية أن صلاة الجنازة تؤدى بوقوف المصلي عند وسط الميت إن كان رجلاً، وعند منكبي الميت، أي الكتفين، إن كان الميت امرأة، وينوي الصلاة على الميت، ثم يكبر أربع تكبيرات:

  • يكبّر تكبيرة الإحرام مع رفع يديه، ولا يرفعها في باقي التكبيرات، ويدعو للميت بعد كل التكبيرات الأربع.
  • ثم يسلّم تسليمة واحدة عن يمينه، ينوي بها الخروج من الصلاة.
  • يسنّ الإسرار في كل أقوال الصلاة، باستثناء الإمام، فإنه يجهر بالتكبير والتسليم، ليسمع المأمومون.
  • يبدأ المصلي بكل دعاء يدعوه بين التكبيرات بحمد الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.


الشافعية

قال الشافعية أن صلاة الجنازة تؤدى بوقوف المصلي عند رأس الميت، إن كان رجلاً، وعند عجزه، وهو الجزء الخلفي أسفل العمود الفقري للإنسان، إن كان الميت امرأة، ثم ينوي بقلبه ناطقاً بلسانه: نويت أن أصلي أربع تكبيرات على من حضر من أموات المسلمين فرض كفاية لله تعالى، ثم يكبّر أربع تكبيرات رافعاً يديه مع كل تكبيرة:

  • يكبّر التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، ويقرأ بعدها الاستعاذة وسورة الفاتحة، فلا يقرأ دعاء الاستفتاح، ولا سورة بعد الفاتحة.
  • ثم يكبّر التكبيرة الثانية، ويقرأ بعدها الصلاة الإبراهيمية.
  • ثم يكبّر التكبيرة الثالثة، ويدعو بعدها للميت بأي دعاء ينفعه لآخرته.
  • ثم يكبّر التكبيرة الرابعة، ويدعو بعدها بقول: "اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده"، ثم يقرأ بعد ذلك قول الله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ).[٧]
  • ثم يسلّم عن يمينه، ناوياً بها السلام على من عند يمينه، ويسلّم عن شماله، ناوياً بها السلام على من عند يساره.


الحنابلة

قال الحنابلة أن صلاة الجنازة تؤدى بوقوف المصلي عند صدر الميت، إن كان رجلاً، وعند وسطه، إن كانت امرأة، ثم ينوي الصلاة على الميت، ويكبّر أربع تكبيرات:

  • يكبّر التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، رافعاً يديه، ويقرأ بعدها الاستعاذة والبسملة وسورة الفاتحة.
  • ثم يكبّر التكبيرة الثانية، رافعاً يديه، ويقرأ بعدها الصلاة الإبراهيمية.
  • ثم يكبّر التكبيرة الثالثة، رافعاً يديه، ويدعو بعدها للميت.
  • ثمّ يكبّر التكبيرة الرابعة، رافعاً يديه، ويسكت قليلاً، دون أن يقول شيئاً، ثم يسلّم تسليمة عن يمينه، ولا بأس أن يأتي بتسليمة عن شماله.


ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنه هناك عدة صيغ من الأدعية للميت في صلاة الجنازة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما يأتي:

  • (اللَّهُمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتِنا وصغيرِنا وَكبيرِنا وذَكَرِنا وأنثانا وشاهدِنا وغائبِنا اللَّهُمَّ مَن أحييتَه منَّا فأحيِهِ علَى الإيمانِ ومَن تَوفَّيتَه مِنَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ اللَّهُمَّ لا تحرِمنا أجرَه ولا تُضِلَّنا بعدَه).[٨]
  • (اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأهْلاً خَيْراً مِنْ أهْلِهِ وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).[٩]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2298، صحيح.
  2. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن ،مفهوم، وفضائل، وآداب، وأنواع، وأحكام، وكيفية في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 1245. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 752-753. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري ، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 470-471. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:664، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:3370، صحيح.
  7. سورة غافر، آية:7
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3201، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:963، صحيح.