مشروعية صلاة التوبة

تشرع صلاة التوبة عند ارتكاب الذنب باتفاق أهل العلم، حيث ثبتت مشروعيتها في الحديث الصحيح الذي رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (كنتُ رجلًا إذا سَمِعْتُ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حديثًا نفعَني اللَّهُ منهُ بما شاءَ أن ينفعَني، وإذا حدَّثَني أحدٌ من أصحابِهِ استَحلفتُهُ، فإذا حلَفَ لي صدَّقتُهُ، قالَ: وحدَّثَني أبو بَكْرٍ وصدقَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ: ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ، ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ، ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ إلى آخرِ الآيةِ).[١][٢]


كيفية صلاة التوبة

صلاة التوبة ركعتان، يؤديهما المسلم بعد أن يتطهر ويتوضأ بنية التوبة، وهي نوع من أنواع الصلوات النوافل، حيث يجب أداؤها بجميع الأركان والواجبات والشروط التي يلزم الإتيان بها في صلاة النافلة، وهي من النوافل التي لا يندب لها الجماعة، فالمشروع للمسلم أن يؤديها منفرداً، ويستحب له بعد الفراغ من الركعتين أن يستغفر الله -عزّ وجلّ-.[٣]


ما يقرأ في صلاة التوبة

يشرع للمسلم أن يقرأ في ركعتي التوبة ما يشاء من الآيات والسور القرآنية، حيث إنه لم يثبت دليل يبيّن تحديد قراءة آيات أو سورة معينة.[٤]


وقت أداء صلاة التوبة

يسنّ للمسلم أن يؤدي صلاة التوبة عندما يعزم على التوبة والرجوع عما ارتكبه من ذنبٍ ومعصيةٍ، سواء كانت توبته بعد ارتكابه للذنب مباشرة، أو كانت متأخرة عنه، حيث إن التوبة تقبل من العبد إن كان صادقاً فيها حتى لو أخرّها، ويشرع أداؤها في الأوقات جميعها؛ لأنها من الصلوات ذوات الأسباب التي تؤدى إن وُجد سببها، ولو كان في أوقات النهي.[٥]


السبب في أداء صلاة التوبة

تشرع صلاة التوبة عند ارتكاب الذنب، وأراد المسلم أن يتوب منه، حيث إنه يجب على المسلم أن يبادر إلى التوبة والاستغفار عند ارتكابه الذنب، صغيراً كان أو كبيراً، من الكبائر أو الصغائر، وأن يتوسل إلى الله ليغفر ذنبه ويقبل توبته، فنُدب للمسلم أن يصلي ركعتين رجاء قبول توبته، حيث إن الصلاة من أهم الأعمال الصالحة وأفضلها، فقد ورد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من توضأ فأحسنَ الوضوءَ ثم قام فصلَّى ركعتَينِ ( أو أربعًا يشكُّ سهل ) يحسنُ فيهن الذِّكرَ والخشوعَ ثم يستغفرُ اللهَ غُفِرَ له)،[٦] كما ويفضّل للمسلم إضافةً إلى الصلاة أن يجتهد في فعل الطاعات وعمل الصالحات لتكفير ذنوبه وسيئاته، كالصدقة ونحوها.[٧]


هل تؤدى صلاة التوبة قبل التوبة أم بعدها

تعددت آراء أهل العلم في أداء صلاة التوبة؛ قبل التوبة أم بعدها، فذهب بعضهم إلى أنها تكون قبل التوبة، وقال بعضهم أنها تؤدى بعد التوبة، وذهب آخرون إلى جواز أدائها قبل التوبة أو بعدها متى شاء، إلا أن أرجح الأقوال كما ذكر الشيخ ابن جبرين -رحمه الله- أنها تكون قبل التوبة، للحديث الذي ذكر في مشروعيتها؛ أن الصلاة تؤدى أولاً ثم يستغفر الله، وهذا فيما يتعلق بتوبة اللسان، وهو إعلان ندمه وعدم الرجوع إلى المعصية، وطلب المغفرة من الله، أما توبة القلب وهي الأهم، فإنها تكون قبل الصلاة وبعدها، لأنه لن يصلي ركعتي التوبة إلا بعد ندمه في قلبه على فعل المعصية، وتوبة لسانه التي بعد الصلاة لا بدّ أن تكون مصاحبة لندم القلب وتوبته.[٨]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1521، حديث صحيح.
  2. "المَطلَبُ الرَّابع: صلاةُ التوبةِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2022. بتصرّف.
  3. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 172. بتصرّف.
  4. "ماذا تقرأ في صلاة التوبة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2022. بتصرّف.
  5. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 165-167. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:393، حديث حسن.
  7. "صلاة التوبة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 9/11/2022. بتصرّف.
  8. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 168-171. بتصرّف.