السجود

يُعرّف السجود في اللغة بأنّه: الخضوع والتذلّل والتطامن، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فهو: وضع الجَبين وأعضاءٍ أخرى محددةٍ على الأرض بكيفيةٍ مخصوصةٍ تعبدّاً لله -سبحانه-، [١] فالسجود من أعظم وأجلّ العبادات التي لا تؤدّى إلّا لله وحده، قال -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)،[٢] كما أنّ السجود لله صفةٌ من صفات المؤمنين الساعين لنيل رضا الله -سبحانه-، ودخول جنّته، قال -سبحانه-: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا)،[٣] فالسجود لله سببٌ من أسباب دخول الجنة، وتكفير الذنوب والسيئات، ونيل الحسنات والأُجور المضاعفة، والدرجات الرفيعة.[٤]


كيفية وضع اليدَين في السجود

بيّن العلماء كيفية وضع اليدَين في السجود، وبيان تفصيل ما ذهبوا إليه آتياً:[٥]

  • الحنفية: قالوا بوضع الكفَين على الأرض بجانب أطراف الوجه عند السجود؛ أي بجَعْل الوجه بين الكفَّين، ويُمكن أيضاً وضعهما على الأرض بما يُقابل الكتفَين.
  • المالكية: قالوا بوضع اليَدين على الأرض بما يُقابل الأُذُنَين أو بالقُرب منهما، مع ضمّ الأصابع بعدم جَعْل أيّ مسافةٍ بينها، وجَعْلها وتوجيهها باتجاه القبلة.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بوضع الكفَّين على الأرض مقابل الكتفَين، مع ضمّ الأصابع وعدم التفريق بينها بمسافةٍ، وجَعْلها باتجاه القبلة.


ويُكره للمصلّي افتراش ذراعيه في السجود، فقد نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عنه، إذ قال: (اعْتَدِلُوا في السُّجُودِ، ولَا يَبْسُطْ أحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ)،[٦][٧] ويُراد بافتراش الذراعَين؛ بسطهما على الأرض بجعلها من الأصابع إلى المرفقَين على الأرض، فالصحيح جَعْل الكفَّين فقط على الأرض، وعدم جَعْل غيرهما من اليدَين.[٨]


كيفية وضع اليدَين عند الجلوس بعد السجود

يجلس المصلّي في الصلاة بعد السجود ويضع يدَه اليُمنى على فخذه اليُمنى ويده اليُسرى على فخذه اليُسرى، ويُمكن أيضاً وضع اليَدَين على الرُكبتَين، وذلك سنةٌ من سنن الصلاة؛ ويُراد بسُنن الصلاة: الأقوال أو الأفعال التي لا تبطل الصلاة بتركها، سواءً تركها المصلّي عمداً وقصداً أم سهواً ونسياناً، ويُستدلّ على كيفية وضع اليدَين عند الجلوس في الصلاة بعدّة أدلةٍ بيان وذكر البعض منها آتياً:[٩]

  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا جَلَسَ في الصَّلَاةِ وضَعَ يَدَيْهِ علَى رُكْبَتَيْهِ، ورَفَعَ إصْبَعَهُ اليُمْنَى الَّتي تَلِي الإبْهَامَ، فَدَعَا بهَا ويَدَهُ اليُسْرَى علَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا).[١٠]
  • ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عبدالله بن الزبير -رضي الله عنهما-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَعَدَ في الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ اليُسْرَى بيْنَ فَخِذِهِ وسَاقِهِ، وفَرَشَ قَدَمَهُ اليُمْنَى، ووَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى علَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى علَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وأَشَارَ بإصْبَعِهِ).[١١]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 201. بتصرّف.
  2. سورة فصلت، آية:37
  3. سورة الفتح، آية:29
  4. فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ (9/1/2018)، "السجود لله عز وجل قرب وقربة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.
  5. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 236. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:822، صحيح.
  7. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 303. بتصرّف.
  8. "تعريف ومعنى افتراش الذراعين في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.
  9. سعيد بن وهف القحطاني، أركان الصلاة، صفحة 15-21. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:580، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:579، صحيح.