يقتدي المصّلون في الصلاة الجماعة بالإمام، ويتابعونه في أفعال الصلاة وجوبًا؛ فيركعون إن ركع، ويسجدون إذا سجد، ويسلّمون بعد تسليمه من الصلاة عند انتهائها، وقد أُثرت أحاديث عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في كيفيّة جلوس الإمام بعد التسليم من الصلاة، وما يفعله عقب انتهاء الصلاة، وفيما يأتي تفصيل وبيان ذلك.


جلسة الإمام بعد التسليم

يستحبّ للإمام بعد التسليم من الصلاة أن يلتفّ ويستقبل بوجهه المصلّين؛ لما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يفعل ذلك حين يؤمّ الصحابة -رضي الله عنهم-، كما روى عنه سمرة بن جندبٍ -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا صَلَّى صَلَاةً أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ)،[١] وكما روى البراء بن عازبٍ -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عن يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: فَسَمِعْتُهُ يقولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَومَ تَبْعَثُ -أَوْ تَجْمَعُ- عِبَادَكَ)،[٢] فالمستحبّ للإمام بعد أن يسلّم، أن يمكث وقتًا يسيرًا مستقبلًا القبلة؛ لما رُوي عنه أنّه: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ إذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ في مَكَانِهِ يَسِيرًا)،[٣] ثمّ يستقبل بوجهه المصلّين، ولعلّ الحكمة من ذلك أن يُكمل أذكار الصلاة بوجودهم؛ فيكّرهم بها، أو ربّما ذكرهم وعلّمهم أمرًا ما كما كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يفعل.[٤]


المستحبّات بعد التسليم

يستحبّ للإمام ولكلّ مصلٍ سواءً في صلاة الجماعة، أو من يصلي منفردًا بعد السلام من الصلاة، أن يمكث في مكانه قليلًا؛ ليذكر الله -تعالى- بجملةٍ من أذكار بعد الصلاة المأثورة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومن هذه الأذكار ما يأتي:[٥]

  • الاستغفار ثلاثًا.
  • قول: (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ).[٦]
  • قول: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ).[٧]
  • قول: "سبحان الله" و"الحمد لله" و"الله أكبر" ثلاثًا وثلاثين مرَّةً للتسبيح والتحميد وأربعًا وثلاثين مرَّةٍ للتكبير؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً).[٨]


خروج المصلين بعد صلاة الجماعة

إنّ الأفضل للمصلّين بعد الانتهاء من صلاة الجماعة في المسجد الانتظار والتريّث في أماكنهم؛ حتى يكسب ثواب الذكر بعد الصلاة، وتتمكّن النساء من الخروج ومغادرة المسجد، ومن ذلك ما روته أمّ المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- عمن قولها: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، ومَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أنْ يَقُومَ)؛[٩] ويُفهم من ذلك أنّ على المصلين من الرجال الانتظار بعد التسليم من الصلاة؛ حتى تخرج النساء وتغادر من المسجد، وأنّ على النساء أن تُسارع في الخروج بعد الصلاة ولا تطيل المكث لغير حاجةٍ في المسجد.[١٠]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:845، حديث صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:709 ، حديث صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم:849، حديث صحيح.
  4. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 563-564. بتصرّف.
  5. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 468-469. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى النبي -عليه الصلاة والسلام-، الصفحة أو الرقم:591، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:7292، حديث الصحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:596، حديث صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم:837، حديث صحيح.
  10. "حكم خروج النساء لحضور صلاة الجماعة وتخصيص مكان لهن"، دائرة الإفتاء الأردنية، 12/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 24/8/2022. بتصرّف.