سبب تسمية السنن الرواتب

يُقصد بالسنن الرواتب الركعات التي يؤدّيها المسلم مقترنةً بالصلوات الخمس المفروضة؛ قبلها أو بعدها، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يحافظ عليه ويُرغّب في أدائها،[١] وسمّيت السنن الرواتب بهذا الاسم؛ لأنّها دائمةٌ مستمرَّةٌ وتابعةٌ لصلاة الفريضة؛[٢] فالراتب في اللغة من الثبات والدوام، يقال: رِزقٌ راتبٌ؛ أي ثابتٌ دائمٌ، وكذلك السنن الرواتب ثابتةٌ دائمة قبل أو بعد الصلوات المفروضة، وداوم عليهنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.[٣]


أنواع السنن الرواتب

تعدّدت أقوال الفقهاء في عدد ركعات السنن الرواتب؛ فمنهم من قال إنّها عشر ركعاتٍ، وأكثر العلماء على أنّها اثنتا عشرة ركعةً، والسنن الرواتب منها ما يكون قبل صلاة الفرض؛ كالركعتين قبل فرض الفجر، وأربع ركعاتٍ قبل فرض الظهر، ومنها ما يكون بعد صلاة الفرض؛ كالركعتين بعد صلاة الظهر، والركعتين بعد فرض المغرب، والركعتين بعد فرض العشاء، وأمّا العلماء الذين عدّوا السنن الرواتب عشر ركعاتٍ؛ فقالوا إنّ السنة الراتبة قبل الظهر ركعتان فقط لا أربعة.[٢]


وأفضل السنن الرواتب وأكثرها تأكيدًا: ركعتا قبل الفجر؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يتعهّد أداءهما في كلّ حالٍ، ويحرص عليهما ولا يفوّتهما لا في سفرٍ ولا في إقامةٍ، بدليل ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ)؛[٤]فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في سفره يحافظ على الفرض ويقتصر عليه، إلّا سنة قبل الفجر وركعة الوتر، فلم يكن يتركهما حتى وهو على سفرٍ.[٥]


الحكمة من تشريع السنن الرواتب

إنّ لتشريع الله -سبحانه وتعالى- للسنن الرواتب التي تسبق صلاة الفرض أو تلحقها حكمةً بالغةً لأجلها شُرعت، فأمّا حكمة مشروعية السنن الرواتب التي تؤدّى قبل الصلاة؛ فمن العلماء من قال بأنّ الحكمة منها تهيئة المصلي واستحضار قلبه قبل البدء بالصلاة المفروضة وأدائها، خاصَّةً وأنّ المدَّة بين فرض الفجر والظهر طويلة؛ فيبدأ المصلي بالسنة القبلية في الظهر؛ ليتهيأ لأداء الفرض.[٦]


أمّا السنن الرواتب التي تؤدّى بعد الصلاة المفروضة، فالحكمة من تشريعها؛ أن تكون سبيلًا لجبر النقص الذي قد يرد ويحصل في صلاة الفرض التي أدّاها المسلم، كما ورد في الحديث الشريف من قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (انظُروا في صَلاةِ عَبدي، أتَمَّها أم نَقَصَها؟ فإنْ كانت تامَّةً كُتِبتْ له تامَّةً، وإنْ كان انتَقَصَ منها شَيئًا قال: انظُروا هل لِعَبدي مِن تَطوُّعٍ؟ فإنْ كان له تَطوُّعٌ قال: أتِمُّوا لِعَبدي فَريضَتَه مِن تَطوُّعِه).[٧][٢]


فضل أداء السنن الرواتب

إنّ لأداء السنن الرواتب والمحافظة عليها فضلًا عظيمًا يناله المسلم، ومن فضائل المحافظة عليها ما يأتي:

  • المحافظة على أداء السنن الرواتب تبني للمسلم بيتًا في الجنّة بإذن الله؛ وذلك لما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: (ما مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غيرَ فَرِيضَةٍ، إلَّا بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ، أَوْ إلَّا بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ).[٨][١]
  • المحافظة على الصلوات وعلى السنن الرواتب سببٌ لمرافقة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الجنّة؛ لما جاء في الحديث عن ربيعة بن كعب قوله: (كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ).[٩][١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن عمر بازمول، بغية المتطوع في صلاة التطوع، صفحة 17-21. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 347-348. بتصرّف.
  3. "معنى راتب في اللغة"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/7/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1169، حديث صحيح.
  5. صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 174. بتصرّف.
  6. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 589. بتصرّف.
  7. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أنس بن حكيم الضبي، الصفحة أو الرقم:864، صححه الألباني.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم حبيبة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:728 ، حديث صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:489، حديث صحيح.
  10. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 369. بتصرّف.