التطوّع بالصلاة

التطوّع هو: التنفّل من غير الواجبات والفرائض، قال -تعالى-: (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ)،[١] فالتطوّع هو ما يتبرّع به المسلم من نفسه وطيب خاطره، دون إجبارٍ أو إلزامٍ أو وجوبٍ عليه، ويُراد به في الاصطلاح الشرعيّ: الزيادة على ما أوجبه وفرضه الدِّين الإسلامي، أمّا صلوات التطوع فهي: الصلوات التي تؤدّى زيادةً على الصلوات الخمس المفروضة على المسلم في اليوم والليلة، ويُشترط أن تكون مشروعةً، وقد شُرعت للعديد من الحِكم؛ منها: إكمال الفرائض، وجبر النقص والخلل الذي قد يقع فيها، ونيل الدرجات، وتكفير الذنوب والخطايا، وغيرها من الفضائل.[٢][٣]


صلاة الفتح

أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أم هانئ -رضي الله عنها- أنّها قالت: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ بَيْتَها يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ، فاغْتَسَلَ وصَلَّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ، فَلَمْ أرَ صَلاةً قَطُّ أخَفَّ مِنْها، غيرَ أنَّه يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ)،[٤] وقد استدّل بعض العلماء بالحديث السابق على مشروعية صلاة الفتح، وخالفهم البعض الآخر، بيان ذلك آتياً:[٥]

  • القائلون بمشروعية صلاة الفتح: قال عددٌ من العلماء بأنّ الصلاة المذكورة في الحديث الساابق صلاة الفتح وليست صلاة الضحى، وبيان القائلين وأقوالهم آتياً:
  • قال ابن كثير -رحمه الله-: "هي صلاة الشُّكر على النصر، على المنصور من قولي العلماء".
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "كانوا يستحبّون عند فتح مدينةٍ أن يصلّي الإمام ثماني ركعات شكراً لله، ويسمّونها: صلاة الفتح".
  • قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "ثمّ دخل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلّى ثمان ركعاتٍ في بيتها، وكانت ضحى، فظنّها من ظنّها صلاة الضحى، وإنّما هذه صلاة الفتح وكان أمراء الإسلام إذا فتحوا حصناً أو بلداً صلّوا عقيب الفتح هذه الصلاة، اقتداءً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفي القصة ما يدلّ على أنّها بسبب الفتح شكراً لله عليه، فإنّها قالت: ما رأيته صلّاها قبلها ولا بعدها".
  • القائلون بعدم مشروعية صلاة الفتح: قال عددٌ من العلماء، ومنهم الإمام النووي -رحمه الله-، بعدم مشروعية صلاة الفتح، استدلالاً برواية الإمام مسلم للحديث السابق: (أنَّهُ لَمَّا كانَ عَامُ الفَتْحِ أتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو بأَعْلَى مَكَّةَ قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عليه فَاطِمَةُ ثُمَّ أخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ به، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى)،[٦] فقد صرّحت أم هانئ -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أدّى صلاة الضحى وليست صلاة الفتح، فقال الإمام النوويّ: "قَوْلهَا: (ثُمَّ صَلَّى ثَمَان رَكَعَات سُبْحَة الضُّحَى) هَذَا اللَّفْظ فِيهِ فَائِدَة لَطِيفَة، وَهِيَ أَنَّ صَلَاة الضُّحَى ثَمَان رَكَعَات. وَمَوْضِع الدَّلَالَة كَوْنهَا قَالَتْ: (سُبْحَة الضُّحَى)، وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ هَذَا سُنَّة مُقَرَّرَة مَعْرُوفَة، وَصَلَّاهَا بِنِيَّةِ الضُّحَى".


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:184
  2. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة التطوع، صفحة 5-6. بتصرّف.
  3. محمد بن عمر بازمول، بغية المتطوع في صلاة التطوع، صفحة 9-10. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم هانئ، الصفحة أو الرقم:1176، صحيح.
  5. محمد صالح المنجد (18/5/2009)، "هل يجوز أن يصلي ركعتين شكراً لله؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/2/2021. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم هانئ، الصفحة أو الرقم:336، صحيح.