فرض الله -تعالى- الصلاة على المسلمين، وأكّد على فرضيتها ووجوبها، وممّا يدلّ على ذلك أنّها لا تسقط عن المسلم البالغ العاقل بأيّ حالٍ، فتجب على الصحيح والمريض، والمقيم والمسافر، والآمن والخائف، قال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ*فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)،[١] وقد رتّب الله أجوراً عظيمةً على المحافظة على الصلاة، من أهمّها تكفير الذنوب والخطايا، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا)،[٢][٣] وخصّ الله -تعالى- صلاتي الفجر والعشاء ببعض الفضائل والميزات المبيّنة في المقال.


ما فضل صلاتي الفجر والعشاء؟

تترتّب العديد من الفضائل والأجور بسبب المحافظة على صلاتي الفجر والعشاء، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا)،[٤] وبيان البعض من تلك الفضائل والأجور آتياً:[٥]


العصمة من النفاق

إنّ أداء صلاة الفجر والعشاء جماعةً من صفات المؤمنين المحافظين على صلاتهم غير المنافقين، إذ إنّ صلاتي الفجر والعشاء ثقيلتان على المنافق، أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ)،[٦] فالمنافق يتكاسل عن الأعمال التي لا يراها الناس، فحضور صلاتي الفجر والعشاء في جماعةٍ علامةً تميّز المؤمن من المنافق، وذلك ما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: (صلَّى بِنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يومًا الصُّبحَ فقالَ أشاهِدٌ فلانٌ قالوا لا قالَ أشاهدٌ فلانٌ قالوا لا قالَ إنَّ هاتينِ الصَّلاتينِ أثقَلُ الصَّلواتِ علَى المُنافِقينَ)،[٧] كما أنّ من صفات المنافقين كسلهم عن أداء الصلاة كما وصفهم الله -تعالى- في قوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا).[٨][٥][٩]


النور التام يوم القيامة

وعد رسول الله -صلّى الله عليه وسّلم- مَن يمشي إلى المسجد في الظلام بالنور التام يوم القيامة، فقد قال: (بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يَومَ القِيامةِ).[١٠][١١]


نيل أجر قيام الليل

ينال مَن أدّى صلاتي الفجر والعشاء جماعةً أجر قيام الليل، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ).[١٢][١٣]


مضاعفة الأجر والثواب

ضاعف الله -تعالى- أجر حضور وأداء صلاتي الفجر والعشاء في جماعةٍ، ولم يُحدّد ذلك الأجر والثواب، قال -عليه السلام-: (لو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا)،[٤] وقال عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: (لأن أشهد العشاء والفجر في جماعةٍ أحبُّ إلَيَّ من أن أُحييَ ما بينهما).[٥]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:238-239
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:667، صحيح.
  3. محمد صالح المنجد (4/3/2003)، "مكانة الصلاة في الإسلام"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 1/12/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:720، صحيح.
  5. ^ أ ب ت د. إبراهيم بن محمد الحقيل (4/5/2017)، "صلاة الجماعة (8) الفجر والعشاء في الجماعة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:657، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:554، حسن.
  8. سورة النساء، آية:142
  9. حسام الدين عفانة، فتاوى د حسام عفانة، صفحة 1. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:223، صحيح.
  11. أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 8. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:656، صحيح.
  13. عبدالرحمن المباركفوري، تحفة الأحوذي، صفحة 11. بتصرّف.