صلاة الوحشة

صلاة الوحشة هي: صلاةٌ من الصلوات التي لا أصل لها في الشريعة، ويُظنّ أنّها تنفع الميت في أوّل ليلةٍ له في القبر؛ فتخفّف عنه وحشته وظُلمته، إلّا أنّ ذلك لا أصل له في الشريعة، ولا عند أهل السنة والجماعة.[١]


حكم صلاة الوحشة

تُحرّم صلاة الوحشة؛ إذ إنّها من الصلوات المُبتدعة في الدِّين، والمكذوبة في الشريعة، فلم يشرّعها الله -عزّ وجلّ-، أمّا الحديث الوارد فيها فهو من الأحاديث المكذوبة على لسان النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ولا يصحّ الاستدلال به، ولا صحّة لِما يُزعم من أنّها ترفع عن الميت وحشة القبر، وتخفّف عنه عذاب القبر وظُلمته، وتوسّع له في قبره إلى يوم القيامة، وخاصةً في الليلة الأولى له، فصلاة الوحشة باطلةٌ لا أصل لها عند أهل السنة والجماعة، ولا أصل لها في كتب الأحاديث النبوية المُروية بالأسانيد المتصلة إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فهي من البِّدع المُحدثة الكاذبة المحرّمة.[١][٢]


ما ينفع الميت

يتنفع العبد بعد موته بما قدّم من الأعمال الصالحة كما بيّنت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وبيان الأعمال التي ينتفع بها العبد آتياً:[٣]

  • قضاء الدَّين عنه: سواءً كان القضاء من أمواله التي تركها، أو أسقطه عنه صاحب المال، أو تبرّع بسداده شخصٌ ما، وغير ذلك من الطرق، ويُستدلّ على انتفاع الميت بقضاء الدِّين ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "نفس المؤمن مُعَلّقة بدَيْنِه حتى يُقْضى عنه".[٤]
  • تجهيزه للدفن: فالأفضل الإسراع في تجهيز الميت؛ بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "أَسْرِعُوا بالجِنَازَةِ، فإنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وإنْ يَكُ سِوَى ذلكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عن رِقَابِكُمْ".[٥]
  • الدعاء للميت: ويكون الدعاء له قبل دفنه، وعند إنزاله في القبر، وبعد الانتهاء من الدفن، وعند زيارة قبره، وأفضل الدعاء دعاء أولاد الميت له، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "إنَّ الرجُلَ لَتُرْفَعُ درجتُهُ في الجنةِ فيقولُ: أنَّى لِي هذا؟ فيُقالُ: بِاستغفارِ ولَدِكَ لَكَ"،[٦] وقال الإمام المناوي -رحمه الله- معلّقاً على الحديث السابق: "دلَّ به على أنَّ الاستغفارَ يمحو الذُّنوبَ، ويرفع الدَّرجاتِ، وأنَّ استغفارَ الفرع لأصلِه بعد موته كاستغفاره هو لنفسِه، فإنَّ ولد الرَّجلِ من كسْبِه؛ فعمله كأنه عمله".
  • الصدقة عن الميت: ويُستدلّ على أنّ ثواب الصدقة يصل الميت ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وإنِّي أَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ"،[٧] وقال الإمام النووي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديثِ: جوازُ الصَّدقة عن الميت، واستحبابها، وأنَّ ثوابَها يصله وينفعه، وينفع المتصدِّق أيضًا، وهذا كلُّه أجمع عليه المسلمون".
  • قضاء الصيام عن الميت: فالصيام الواجب دَيْنٌ على الميت يُقضى عنه بعد موته دون حرجٍ، قال عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: "جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقالَ: لو كانَ علَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى".[٨]
  • الحجّ والعُمرة: فيُشرع أداء الحجّ والعُمرة عن الميت.


المراجع

  1. ^ أ ب محمد صالح المنجد (17/8/2013)، "صلاة الوحشة صلاة مبتدعة، لا تجوز صلاتها، ويجب النهي عنها"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2021. بتصرّف.
  2. "حكم صلاة وحشة القبر"، طريق الإسلام، 18/12/2014، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2021. بتصرّف.
  3. عبده قايد الذريبي (17/5/2011)، "ماذا ينفع العبد بعد موته؟"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2021. بتصرّف.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1079، حسن.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1315، صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1617، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1004، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1148، صحيح.