إنّ الماء ممن أهمّ مقوّمات الحياة، بل هو أساسها، تحتاجه المخلوقات كلّها، قال الله -تعالى-: (أَوَلَم يَرَ الَّذينَ كَفَروا أَنَّ السَّماواتِ وَالأَرضَ كانَتا رَتقًا فَفَتَقناهُما وَجَعَلنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤمِنونَ )،[١] ويحدث في أحوالٍ وأوقاتٍ أن ينحبس المطر أو يقلّ، وتجفّ الأرض؛ فيلجأ المسلمون إلى الاستسقاء، وهو: طلب المطر عند انحباسه وطول انقطاعه، بالصلاة أو الدعاء، وهو سنَّةٌ مؤكَّدةٌ؛ فقد فعله رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وصحابته -رضي الله عنهم-،[٢] وآتيًا مزيد تفصيلٍ عن صلاة الاستسقاء: ووقتها وكيفيّتها.


وقت صلاة الاستسقاء

وقت الجواز

أجاز جمهور الفقهاء أداء صلاة الاستسقاء في أيّ وقتٍ سوى أوقات الكراهة، وقال المالكيَّة بأنّ وقت صلاة الاستسقاء من الضحى إلى الزوال، ولا يجوز عندهم أن تُصلّى قبل الضحى أو بعد الزوال، وأجمع الفقهاء على منع أدائها في الأوقات التي يُكره فيها الصلاة،[٣] وأوقات الكراهة أو أوقات النهي هي:[٤]

  • من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.
  • من طلوع الشمس حتّى ترفع في السماء قدر رمحٍ.
  • بعد صلاة العصر.
  • إذا بدأت الشمس بالغروب، إلأى أن تغرب وتغيب.


فيجوز للمسلمين أن يصلوا صلاة الاستسقاء في أيّ وقتٍ باستثناء هذه الأوقات التي تُكره فيها الصلاة من غير الفريضة، وهذا ما عليه الفقهاء فيما يتعلّق بوقت جواز الصلاة، أمّا فيما يتعلّق بوقت الأفضليّة؛ فقد تعدّدت أقوال الفقهاء في وقت الأفضليّة لأداء صلاة الاستسقاء، وآتيًا عرض وبيان أقوالهم فيه.


أوقات الأفضليّة لصلاة الاستسقاء

إنّ للفقهاء أقوالًا متعدِّدةً في أفضل وقتٍ لأداء صلاة الاستسقاء، آتيًا بيانها:[٣]

  • القول الأوّل: إنّ وقت الأفضليّة لصلاة الاستسقاء هو وقت صلاة العيد؛ لما ورد من رواياتٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلّى صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، وهو قولٌ عند الشافعيّة، ووافقهم عليه المالكيّة، وهو الأولى في مذهب الحنابلة.
  • القول الثاني: إنّ أوّل وقت صلاة الاستسقاء؛ هو وقت صلاة العيد، ويمتدّ وقتها إلى صلاة العصر، وهو قولٌ عند الشافعيّة.
  • القول الثالث: إنّ صلاة الاستسقاء لا تختصّ بوقتٍ معيَّنٍ، ولا وقت أفضليّة لأدائها؛ وإنّما يجوز أداؤها في أيّ وقتٍ من الليل أو النهار باستثناء أوقات الكراهة، وهو قولٌ صحيحٌ عند الشافعيّة، وذكره الحنابلة إلّا أنّه مرجوحٌ عندهم.


كيفيّة صلاة الاستسقاء

ذكر الفقهاء أنّ صلاة الاستسقاء تؤدّى كصلاة العيد؛ فهي ركعتان، يكبّر الإمام في الركعة الأولى بسبع تكبيراتٍ، ويقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن، ثمّ يركع ويسجد، ويكبّر في الركعة الثانيّة خمس تكبيراتٍ، ويقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن، ثمّ يتمّ الركعة الثانية،[٥] ورُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قرأ في الركعتين سورتي الغاشية والبروج، ورُوي عنه كذلك أنّه قرأ بسورتي ق ونوحٍ، وأنّ السنّة أن يخطب الإمام بعد أداء الركعتين، ويدعو، ورُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قلب رداءه عند أداء صلاة الاستسقاء، ورفع يديه عند الدعاء.[٦]


المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية:30
  2. سعيد بن وهب القحطاني، صلاة الاستسقاء، صفحة 5-6. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 308-309. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 362. بتصرّف.
  5. محمد بن عمر بازمول، بغية المتطوع في صلاة التطوع، صفحة 130. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 312-315. بتصرّف.