شرع الله -سبحانه وتعالى- السنن الرواتب من جملة ما شرع من العبادات، والسنن الرواتب هي الركعات التي يؤدّيها المسلم قبل أو بعد الصلوات المفروضة، وسمّيت بالرواتب؛ لأنّها ركعاتٌ دائمةٌ ومستمرَّةٌ باستمرار الفرائض؛ لأنّها تابعةٌ لها،[١] وفيما يأتي مزيد تفصيلٍ عن وقتها وبعض ما يتعلّق بها.


أين تُصلى السنن الرواتب؟

أداء السنن الرواتب من حيث الوقت

تؤدّى السنن الرواتب مقرونةً بالفرائض؛ فهي من حيث وقتها إمّا أن تكون قبل صلاة الفريضة؛ كالركعتين قبل فرض الفجر، والركعات الأربع أو الركعتين -بحسب بعض العلماء- قبل فرض الظهر، وإمّا أن تكون السنن الرواتب بعد أداء الفريضة؛ كالركعتين بعد فرض الظهر، والركعتين بعد فرض المغرب، ومثلهما بعد فرض العشاء؛ وعلى ذلك فإنّ عدد ركعات السنن الرواتب: اثنتي عشرة ركعةً عند من رجّح من العلماء أنّ سنّة الظهر القبلية أربع ركعاتٍ، وقيل عددها عشر ركعاتٍ عند من رجّح من العلماء أنّ سنة الظهر القبليّة ركعتان فقط.[٢]


أداء السنن الرواتب من حيث المكان

رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حين سُئلت عن صلاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للتطوّع أنّه: (كانَ يُصَلِّي في بَيْتي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فيُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكانَ يُصَلِّي بالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بالنَّاسِ العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتي فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)؛[٣] فمن العلماء من فهم من هذا الحديث أنّ أداء السنن الرواتب في البيت أفضل من أدائها في المسجد؛ حتّى يُعمر المسلم بيته كذلك بالصلاة وذكر الله، ولما في أدائها في البيت من استحضارٍ أكبر للخشوع والإخلاص وحضور القلب.[٤]


ونقل العلماء أنّ السنن الرواتب تؤدّى ويُحرص عليها في الإقامة والحضر دون السفر باستثناء ركعتي سنة الفجر؛ لما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من أنّه كان في السفر يقتصر على أداء الصلوات الفرائض، ولم يحافظ على السنن التي قبلها أو بعدها إلّا الركعتين سنّة الفجر، كما روت عائشة -رضي الله عنها- من قولها: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ).[٥][٤]


الحكمة من تشريع السنن الرواتب

إنّ في أداء السنن الرواتب قبل وبعد الصلوات المفروضة حكمةً تشريعيَّةً بالغةً؛ فالسنن القبليّة تهيّء المسلم لنفسه وقبله قبل الدخول على الفريضة وأدائها، وأمّا السنن البعدية؛ فليستلذّ المسلم بلذة القرب من الله -تعالى- ومناجاته زيادةً على ما ناله من المناجاة والقرب في صلاة الفرض،[٢] كما أنّ في أداء السنن البعديَّة جبرًا للنقص الذي قد يحصل من المسلم في صلاة الفرض؛ فبأدائه للسنن البعديّة جبرًا وتكميلًا وإصلاحًا للنقص.[٦]


فضل السنن الرواتب

إنّ للمحافظة على السنن الرواتب والمداومة عليها فضلًا عظيمًا يناله المسلم، وممّا ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في فضل السنن الرواتب ما رُوي عن أمّ حبيبة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قوله: (ما مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غيرَ فَرِيضَةٍ، إلَّا بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ، أَوْ إلَّا بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ).[٧][٨]


المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 347-349. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 589-591. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:730، حديث صحيح.
  4. ^ أ ب صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 172-174. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1169، حديث صحيح.
  6. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 369-370. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم حبيبة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:728، حديث صحيح.
  8. محمد بن عمر بازمول، بغية المتطوع في صلاة التطوع، صفحة 19-20. بتصرّف.