قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)،[١] فالاستعانة بالصبر تكون على الطاعة والصبر عن ارتكاب المعاصي والمحرّمات، والصبر على المشاقّ والآلام وتحمّلها، وكذلك فإنّ الاستعانة بالصلاة إنّما هي نورٌ وبرهانٌ للمسلم، وسبيلٌ لأمنه وأمانه، والاستعانة بهما معاً كالسراج الذي يضيء للمسل طريق دُنياه ليصل الآخرة بأجرٍ عظيمٍ وثوابٍ جزيلٍ.[٢]


سر اقتران الصبر بالصلاة: "واستعينوا بالصبر والصلاة"

ربط الله -سبحانه وتعالى- بين الصبر والصلاة في القرآن الكريم، وحثّ على الاستعانة بهما خاصّةً في أوقات الشدّة، فقال -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)،[٣] وقد قرن الله -سبحانه- بين الصبر والصلاة؛ لِمَا فيهما من السّكينة والرضا والراحة للروح، كما أنّهما ممّا يربط المسلم بِخالقه، كما أن الخُشوع بالصلاة يربط المسلم بخالقه فيصبح أقرب منه، والخشوع لا يتحقّق إلّا بالصبر المطلوب أيضاً بالصلاة؛ أي بالصبر على أدائها وإقامتها بكافة شروطها وأركانها بالكيفية الصحيحة الثابتة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فالصلاة تساعد المسلم على الصبر في حياته الدنيا حتى يلقى الله -عزّ وجلّ- في الآخرة.[٤]


فضائل الصلاة

من أفضل الأعمال بعد الشهادتين

ثبت عن عبدالله بن مسعود-رضي الله عنه- أنَّه سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِها قالَ: قُلتُ ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ. فَما تَرَكْتُ أسْتَزِيدُهُ إلَّا إرْعاءً عليه).[٥][٦]


سببٌ لتكفير الذنوب والخطايا

قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِما بيْنَهُنَّ).[٧][٦]


سبيلٌ لنيل الدرجات الرفيعة والمنازل العظيمة

قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (علَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً).[٨][٦]


سببٌ لدخول الجنّة والتنعّم بما فيها

ثبت عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه-: (كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ).[٩][٦]


فضائل الصبر

تترتّب العديد من الفضائل على الصبر، يُذكر منها أنّه:[١٠]

  • ضياءٌ ونورٌ للنفس؛ إذ إنّه يقوّيها على المجاهدة والصدّ عن الأهواء.
  • نيل أجر الاقتداء بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وتطبيق سنّته، فقد صبر -عليه السلام- وتحمّل كثيراً، خاصةً في مواجهة أعداء الدِّين في سبيل نشر وإقامة رسالة الإسلام، قال الله -تعالى- مخاطباً إيّاه: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ).[١١]
  • نيل محبةُ الله -تعالى-، فقد قال-عزّ وجلّ-: (وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).[١٢]
  • الصبر من أفضل نِعم الله -سبحانه-، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعُ من الصبرِ).[١٣]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:45
  2. أبو الهيثم محمد درويش (18/8/2015)، "مع القرآن - استعينوا بالصبر و الصلاة "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2021. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:153
  4. دعاء بيطار (2018)، "واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين"، مركز بحوث للدراسات، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:85، صحيح.
  6. ^ أ ب ت ث الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني (6/11/2012)، "فضل الصلاة في الإسلام"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2021. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:233، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:488، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:489، صحيح.
  10. خالد بن سعود البليهد، "فضل الصبر"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 6/10/2021. بتصرّف.
  11. سورة الأحقاف، آية:35
  12. سورة آل عمران، آية:146
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1469، صحيح.