ليلة القدر

لفظ ليلة يُطلق على: الوقت الممتدّ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، أمّا القَدْر فيُراد به عدّة معانٍ؛ هي: الشرف، والوقار، والحكم، والقضاء، والتضييق، أمّا لفظ القدْر المرتبط بلفظ ليلة؛ فيُراد به عدّة معانٍ؛ منها: التعظيم والتشريف، وهو المُراد بقوله -تعالى-: (وَما قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدرِهِ)،[١] أي أنّ ليلة القدر ذات شرفٍ وقدرٍ وتعظيمٍ، كما سميّت ليلة القدر بلك لما تكتب فيها الملائكة من الأرزاق والآجال وغيرها، قال -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ*فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ*أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ).[٢][٣]


كيفية صلاة ليلة القدر بالتفصيل

حكم إحياء ليلة القدر

اتّفق وأجمع العلماء على استحباب إحياء ليلة القدر بالعبادات التي تقرّب العبد من ربه؛ كالصلاة، وتلاوة القرآن، والذِّكر، والدعاء، وغيرها، ويُستدلّ على الإجماع بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[٤] وفيما يأتي بيان ما يتعلّق بكيفية أداء الصلاة في ليلة القدر.[٥]


عدد ركعات صلاة ليلة القدر

يؤدّي المسلم ما شاء من عدد الركعات في قيام الليل، إذ إنّه ليس مرتبطاً بعددٍ معيّنٍ من الركعات، ويُشترط في صلاته أنّ يؤدّيها ركعتَين ركعتَين، أي بالجلوس للتشهّد والتسليم بعد أداء كلّ ركعتَين، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى)،[٦] وتجدر الإشارة إلى أنّ الأفضل للمسلم الاقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ ثبت في الصحيح عنه كيفيتَين لأداء صلاة قيام الليل، بيانهما آتياً:[٧]

  • الكيفية الأولى: أداء إحدى عشرة ركعةً، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلكَ صَلَاتَهُ -تَعْنِي باللَّيْلِ- فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِن ذلكَ قَدْرَ ما يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، ويَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ).[٨]
  • الكيفية الثانية: أداء ثلاث عشرة ركعةً، استدلالاً بما ثبت عن البخاريّ في عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ).[٩]


ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يبدأ صلاة القيام بركعتَين خفيفتَين؛ أي دون الإطالة فيهما، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنهّا قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ صَلَاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).[١٠][٧]


المراجع

  1. سورة الأنعام، آية:91
  2. سورة الدخان، آية:3-5
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 360-361. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1901، صحيح.
  5. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 96. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:472، صحيح.
  7. ^ أ ب الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي (24/11/2010)، "كيفية قيام الليل"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28/2/2021.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:994، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:992، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:767، صحيح.