إنّ الإمام في صلاة الجماعة متبوعٌ من المصلّين؛ يتبعونه في صلاتهم، ويقتدون به، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فلا تَخْتَلِفُوا عليه فإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذا رَكَعَ فارْكَعُوا وإذا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهُمَّ رَبَّنا لكَ الحَمْدُ، وإذا سَجَدَ فاسْجُدُوا، وإذا صَلَّى جالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ)،[١] ولكون الإمام قدوةً للمصلّين؛ فإنّه يتحمّل عنهم بعض أفعال الصلاةٍ على تفصيلٍ بين الفقهاء، وفيما يأتي بيان ما يتحمله الإمام عن المأموم عند المالكيّة.


ما يتحمله الإمام عن المأموم عند المالكية

اتّفق المالكيّة مع غيرهم من الفقهاء على أنّ الإمام يتحمّل سهو المأموم إذا كان سهوه في غير أركان الصلاة وفرائضها، أمّا إذا سها المأموم في ركنٍ من أركان الصلاة كالركوع أو السجود؛ فإنّ الإمام لا يتحمّل ذلك عنه، وعلى المأموم أن يأتي بما سها عنه من الأركان والفرائض ويقوم به،[٢] وتعدّدت أقوال الفقهاء فيما إذا كان الإمام يتحمّل القراءة في الصلاة عن المأموم؛ فلا يُطالب المأموم بالقراءة، أو أنّه يكون مطالبًا بها،[٣] وآتيًا تفصيل ما يتحمّله الإمام عن المأموم من القراءة عند المالكيّة وغيرهم.


ما يتحمّله الإمام من القراءة عند المالكيّة

يرى المالكيّة أنّ الإمام يتحمّل القراءة عن المأموم في الصلاة الجهريَّة؛ أي أنّ المأموم لا يقرأ عندهم في الصلاة الجهريّة ولا يكون مطالبًا بالقراءة؛ لأنّ الإمام يتحمّل عنه القراءة فيها، أمّا إن كانت الصلاة سريَّةً؛ فإنّ المأموم يقرأ في سرّه، ولا يتحمّل الإمام عنه القراءة في هذه الحالة، وقد وافق الحنابلة المالكيّة في قولهم هذا، أمّا عند الحنفيّة؛ فإنّ الإمام يتحمّل عن المأموم القراءة مطلقًا سواءً في الصلاة السريّة أو الجهريّة، ولا يكون المأموم مطالبًا بالقراءة، وفصّل الشافعيّة فقالوا: إنّ الإمام يتحمّل عن المأموم قراءة ما بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية، أمّا الفاتحة؛ فإنّ الإمام لا يتحمّلها عن المأموم، ويكون المأموم مطالبًا بقراءتها في الصلاة السريّة والجهريّة.[٣]


السهو الذي يتحمّله الإمام عند المالكيّة

سبق القول أنّ المالكيّة متّفقون مع غيرهم من الفقهاء على أنّ سهو المأموم في ركنٍ من أركان الصلاة لا يتحمّله الإمام، بل إنّ على المأموم أن يأتي بهذا الركن الذي سها عنه حتّى تصحّ صلاته، أمّا إن سها المأموم عن سنَّةٍ من سنن الصلاة؛ فإنّ الإمام يتحمّلها عنه، ولا يكون المأموم مطالبًا بالإتيان بها أو السجود للسهو لها،[٤] وأمّا سنن الصلاة التي يُسجد لتركها سجود سهوٍ عند المالكيّة فهي ثماني سننٍ، فيما يأتي ذكرها:[٥]

  • الإسرار في الصلاة السرية: فإذا جهر الإمام في صلاةٍ السريَّة؛ فإنّه يسجد سجود سهوٍ.
  • الجهر في الصلاة الجهرية: فإذا لم يجهر الإمام في الصلاة الجهرية، فإنّه يسجد للسهو؛ لأنّ الجهر في الصلاة الجهريّة سنَّةٌ عند المالكيَّة.
  • قراءة ما سوى الفاتحة: فإذا سها الإمام ولم يقرأ ما تيسّر من القرآن بعد الفاتحة؛ فإنّه يسجد للسهو.
  • التكبير مرّتين وأكثر سوى تكبيرة الإحرام: فإذا سها الإمام عن تكبيرات الانتقال في الصلاة مرتين أو أكثر يلزمه أن يسجد للسهو.
  • التسبيح مرتين فأكثر: فإذا سها الإمام عن التسبيح في الركوع أو السجود مرتين أو أكثر؛ لزمه سجود السهو.
  • التشهد الأوّل: وهو التشهد الذي يكون في الركعة الثانية من الصلاة؛ فإذا سها عنه الإمام لزمه سجود السهو.
  • الجلوس للتشهد الأول: فإذا قام الإمام دون الجلوس للتشهد؛ لزمه سجود السهو.
  • التشهد الثاني: فإذا سها الإمام عن التشهد الثاني في صلاة المغرب، أو في الصلاة الرباعية؛ لزمه سجود السهو.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:414، حديث صحيح.
  2. "السهو الذي لا يتحمله الإمام عن المأموم"، إسلام ويب، 8/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1219-1220. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 418. بتصرّف.
  5. محمد العربي القروي المالكي، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، صفحة 93. بتصرّف.