السجود

اتّفق العلماء على أنّ السجود فرضٌ من فروض الصلاة، والفرض فيه السجود مرّتين في كلّ ركعةٍ،[١] والسجود في اللغة مصدرٌ من الفعل الثلاثي سَجَدَ، ويُراد به: الخضوع،[٢] أمّا السجود في الاصطلاح الشرعيّ؛ فيُراد به: وضع أعضاء السجود -الآتي بيانها- واستقرارها على الأرض بكفيةٍ مخصوصةٍ.[٣]


السجود الصحيح

كيفية السجود الصحيح

اختلف العلماء في كيفية السجود؛ إن كان بتقديم اليدين أم الركبتَين عند النزول إلى السجود، وذهبوا في ذلك إلى قولين بيانهما آتياً:[٤]

  • الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ السنة وضع الركبتَين ثمّ اليدَين عند السجود، استدلالاً بما ورد عن علقمة والأسود أنّهما قالا: "حفِظْنا عن عمرَ في صلاتِه أنَّه خرَّ بعد ركوعِه على رُكبتَيْهِ كما يخِرُّ البعيرُ، ووضَع رُكبتَيْهِ قبْلَ يديه".
  • المالكية: قالوا إنّ السنة وضع اليدَين ثمّ الركبتَين عند السجود، استدلالاً بعدّة أدلةً؛ منها: قول نافع: "كان ابنُ عُمَرَ يضَعُ يدَيْهِ قبْلَ رُكبتَيْهِ"، ولأنّ وضع اليدَين أولاً أفضل في تحقيق الخشوع، وتجنّباً لإلحاق أي ضررٍ بالركبَتَين.


أعضاء السجود

لا يتحقّق السجود إلّا باستقرار سبعة أعضاءٍ على الأرض، وهي: الجبين مع الأنف، واليدَين، والركبتَين، والقدمَين، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ"،[٥] فالحديث يدل على الأمر بالسجود على السبعة أعضاءٍ، والأمر يدلّ على الوجوب، ونقل الإمام ابن جزي -رحمه الله- إجماع العلماء على وجوب السجود على تلك الأعضاء.[٦]


مكانة وفضل ودلالة السجود

تترّتب العديد من الفضائل على السجود، ويدلّ على العديد من الدلالات، بيان البعض منها آتياً:[٧]

  • يدلّ السجود على الإيمان التامّ الكامل بالله -سبحانه-، وتوحيده، والإقرار بعظمته وقدرته، والخضوع والتذلّل له، ولذلك فقد أمر الله -تعالى- بالسجود في العديد الآيات القرآنية، منها: قوله -سبحانه-: "فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا"،[٨] وقال أيضاً: "وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا"،[٩] وغيرها العديد من الآيات القرآنية.
  • السجود بمثابة الإقرار بواحدنية الله، وأنّه واحدٌ أحدٌ، وأنّه وحده مَن يستحقّ التعظيم، فكلّ ما في السماوات والأرض يسجد لله، قال -تعالى-: "لِلَّـهِ يَسجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ مِن دابَّةٍ وَالمَلائِكَةُ وَهُم لا يَستَكبِرونَ"،[١٠] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في تفسير الآية السابقة: "والسجود من جنس القنوت فإنّ السجود الشامل لجميع المخلوقات هو المتضمن لغاية الخضوع والذلّ وكلّ مخلوقٍ فقد تواضع لعظمته وذلّ لعزّته واستسلم لقدرته ولا يجب أن يكون سجود كلّ شيءٍ مثل سجود الإنسان على سبعة أعضاءٍ ووضع جبهة في رأس مدورٍ على التراب فإنّ هذا سجودٌ مخصوصٌ من الإنسان".
  • نيل عظيم الحسنات والأجور والدرجات الرفيعة بسبب السجود، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً".[١١]


المراجع

  1. عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 210. بتصرّف.
  2. "تعريف ومعنى سجد في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  3. محمود عبدالمنعم، المصطلحات والألفاظ الفقهية/السجود:/i408&d399435&c&p1 معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، صفحة 121. بتصرّف.
  4. "طريقة السجود الصحيحة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:812، صحيح.
  6. " أعضاءُ السُّجودِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  7. حسين أحمد عبد القادر (15/6/2018)، "فضائل السجود لله ملك الملوك"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  8. سورة النجم، آية:62
  9. سورة الإنسان، آية:26
  10. سورة النحل، آية:49
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم:488، صحيح.