سجود الشكر

يُعرّف الشكر في اللغة بأنّه: الاعتراف والإقرار بالمعروف والنِّعم، وظهور وبيان أثر النعمة على اللسان والقلب والجوارح؛ وذلك بالإقرار والثناء والمدح باللسان، والاعتراف أيضاً بالقلب، واستعمال الجوارح فيما يحقّق الرضا، والشُكر في الشَّرع هو: صرف النِّعم واستعمالها فيما يُرضي الله -سبحانه-، وبالتقرّب منه بالطاعة والعبادة، أمّا سجود الشكر فهو: الخضوع والذلّ لله -سبحانه- بالسجود له عند حصول وحدوث نعمةٍ ما أو اندفاع وزوال نقمةٍ وشرٍّ ما.[١]


ما يقال في سجود الشكر

لم يُخصّص سجود الشُّكر بدعاءٍ معيّنٍ أو ذكرٍ محددٍ، فيُقال ويُردّد فيه ما يُردّد في سجود الصلاة من تسبيح الله وتعظيمه ودعائه،[٢] ومن الصيغ الواردة في ذلك:[٣]

  • (سبحان ربي الأعلى).
  • (سبحان ربي الأعلى وبحمده).
  • (سُبُّوح، قُدُّوس، ربُّ الملائكة والرُّوح).[٤]
  • (سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي).[٥]
  • (اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ).[٦]
  • (سبحانَ ذي الجبروتِ والملَكوتِ والْكبرياءِ والعظمةِ).[٧]


حكم سجود الشكر

اختلف العلماء في حكم سجود الشكر، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٨]

  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ سجدة الشكر مستحبةٌ، استدلالاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان يسجد شُكراً وحمداً لله -سبحانه- عند تحقيق نعمةٍ أو اندفاع نقمةٍ، كما ورد عن أبي بُكرة -رضي الله عنه- أنّه -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ إذا جاءَهُ أمرُ سرورٍ أو بشِّرَ بِهِ خرَّ ساجدًا شاكرًا للَّهِ).[٩]
  • المالكية: قالوا بكراهة سجود الشكر عند حدوث نعمةٍ ما أو اندفاع نقمةٍ وشرٍّ، إنّما يستحبّ أداء ركعتَين شُكراً لله؛ استدلالاً بعمل أهل المدينة.


أهمية وفضل شكر الله

تترتّب العديد من الفضائل على شُكر الله -تعالى-، يُذكر أنّه:[١٠]

  • أمرٌ من أوامر الله -تعالى-، فشُكره تحقيقٌ لأمره، فقد قال: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ).[١١]
  • صفةٌ من صفات المؤمنين، فمَن واظب وداوم على شُكر الله كُتب من المؤمنين، قال -عليه الصلاة والسلام-: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).[١٢]
  • سببٌ من أسباب نيل رضا الله -سبحانه-، فقد قال: (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).[١٣]
  • سببٌ من أسباب تحقيق الأمان من العذاب، قال -تعالى-: (مَّا يَفْعَلُ اللَّـهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّـهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)،[١٤] وفُسرت الآية: "إنّ الله جلّ ثناؤه لا يعذِّب شاكراً ولا مؤمناً".
  • سببٌ من أسباب زيادة النِّعم، ونيل المزيد منها، قال -تعالى-: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم)،[١٥] وقال الحسن البصريّ -رحمه الله-: "إنّ الله ليمتّع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً، ولهذا كانوا يسمّون الشكر: الحافظ، لأنّه يحفظ النِّعم الموجودة، والجالب، لأنّه يجلب النِّعم المفقودة".


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 246-245. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد (1/5/2002)، "ماذا يقول في سجود الشكر؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  3. ناصر الدين الألباني، أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 765-761. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:487، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4293، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:771، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:1131، صحيح.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1145-1144. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:2774، صحيح.
  10. الشيخ أحمد أبو عيد (1/8/2016)، "فضل الشكر وجزاء الشاكرين (خطبة)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  11. سورة البقرة، آية:152
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم:2999، صحيح.
  13. سورة الزمر، آية:7
  14. سورة النساء، آية:147
  15. سورة إبراهيم، آية:7