سجود السهو
السهو في الصلاة هو: نسيان شيءٍ من أقوالها وأفعالها، وسجود السهو هو: السجود الذي يؤدّى آخر الصلاة قبل السلام منها أو بعده؛ لجبر الخلل أو النقص الذي قد يقع في الصلاة، بترك قولٍ أو فعلٍ منها، أو الإتيان بأيٍّ منهما زيادةً على الصلاة، أو الشكّ في الصلاة.[١]
حكم سجود السهو
اختلف العلماء في حكم سجود السهو، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ بيانها آتياً:[٢]
- الحنفية والحنابلة: قالوا إنّ سجود السهو واجبٌ، وقد استدلّوا بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ).[٣]
- المالكية: قالوا إنّ سجود السهو سنةٌ سواءً كان قبل السلام أو بعده.
- الشافعية: قالوا إنّ سجود السهو سنةٌ.
أسباب سجود السهو
يؤدّى سجود السهو بسبب ثلاثة أمورٍ؛ وهي: الزيادة، والنقص، والشكّ، وبيان كلٍّ منها آتياً:[٤]
- الزيادة: وتتفرّع إلى نوعَين بيانهما آتياً:
- الزيادة في الأقوال: وتكون على ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
- الحالة الأولى: زيادة قولٍ كأقوال الصلاة؛ كالتسبيح حال القيام، أو القراءة في السجود، فيُكره إن كان عن قصدٍ وإرادةٍ، ولا يُسجد للسهو، ويستحبّ سجود السهو إن كانت الزيادة سهواً ونسياناً، وذلك إن أتى بالقول المشورع في محلّه وكانت الزيادة بعد القول، أمّا إن لم يقرأ المصلّي شيئاً حال القيام بل سبّح ربّه فقط؛ فيجب سجود السهو حينها.
- الحالة الثانية: السلام عن اليمين واليسار قبل إتمام الصلاة؛ فإن كان قصداً بطلت الصلاة، وإن كان السلام سهواً ونسياناً وتذكّر فوراً؛ فيُتمّ المصلّي حينها صلاته، ويسجد للسهو، وإن لم يتذكّر فوراً أو فَقَدَ طهارته؛ فتبطل الصلاة، ولا بدّ من إعادتها.
- الحالة الثالثة: الكلام في الصلاة بأمور الدنيا، بأقوال من غير أقوال الصلاة؛ فتبطل الصلاة إن كان المصلّي أتى بها عمداً أو كان غير جاهلٍ، أمّا إن كان جاهلاً أو ناسياً؛ فلا تبطل الصلاة، ولا يُشرع سجود السهو.
- الزيادة في الأفعال: وتكون الزيادة في الأفعال على ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
- الحالة الأولى: زيادة فعلٍ كأفعال الصلاة؛ مثل زيادة ركوعٍ أو سجودٍ؛ فإن كانت تلك الزيادة عن قصدٍ وإرادةٍ فتبطل الصلاة، ولا بدّ من إعادتها، أمّا إن كانت تلك الزيادة سهواً ونسياناً؛ فيُتمّ صلاته، ثمّ يؤدي سجود السهو، أمّا إن زاد ركعةً ولم يعلم إلّا بعد أن أدّاها؛ فيسجد للسهو، وإن عَلِم أثناء أدائها؛ فيجلس فوراً، ويتشهّد إن لم يكن قد تشهّد، ويسجد للسهو، ويسلّم.
- الحالة الثانية: زيادة فعلٍ من غير أفعال الصلاة؛ كالمشي أو الحركة؛ فإن كانت الحركة كثيرةً دون ضرورةٍ فإنّها تُبطل الصلاة، وإن كانت قليلةً دون حاجةٍ فتُكره في الصلاة، وإن قليلةً لحاجةٍ فتجوز.
- الحالة الثالثة: الأكل والشُّرب في الصلاة، فتبطل الصلاة إن كان عن قصدٍ وإرادةٍ، ولا تبطل إن كان سهواً ونسياناً.
- النقص: ويتفرّع إلى أربعة أنواعٍ بيانها آتياً:
- ترك تكبيرة الإحرام: فتبطل الصلاة بكلّ الأحوال، سواءً كان الترك عن قصدٍ أم نسياناً وسهواً.
- ترك ركنٍ من أركان الصلاة من غير تكبيرة الإحرام: ويكون على ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
- الحالة الأولى: تذكّر الركن المتروك قبل الشروع في قراءة الركعة التالية، فيرجع لمصلّي حينها، ويؤدّي الركن الذي تركه، وبما بعده من الأقوال والأفعال، فعلى سبيل المثال إتن ترك المصلّي الركوع في الركعة الأولى، وتذكّره في السجود الأول أو الثاني، فيرجع ويؤدّي الركوع، ويسجد مرّتين، ويُتمّ صلاته.
- الحالة الثانية: تذكّر الركن المتروك بعد البدء في قراءة الركعة التالية، فتقوم الركعة التالية مكان السابقة، وتُلغى السابقة أيضاً، فعلى سبيل المثال: إن ترك المصلّي الركوع في الركعة الأولى، وتذكّره في قراءة الركعة الثانية، فتصبح الركعة الثانية الأولى، ويُتمّ صلاته.
- الحالة الثالثة: تذكّر الركن المتروك بعد السلام من الصلاة؛ فيكون كترك ركعة، فإن تذكّر المصلّي فوراً فيؤدّي ركعةً، ويسجد للسهو، وإن لم يتذكّر فوراً أو فَقَد طهارته؛ فيُعيد الصلاة، أمّا إن كان المتروك التشهّد الأخير أو الجلوس له أو السلام من الصلاة، فيؤدّي أيّاً منهم، ويسجد للسهو.
- ترك واجبٍ من واجبات الصلاة: كالتسبيح في الركوع أو السجود، فتبطل الصلاة إن كان الترك عمداً، أمّا إن كان سهواً فعلى أحوالٍ بيانها آتياً:
- الحالة الأولى: تذكّر الواجب قبل البدء في الركن الذي يليه، فيرجع المصلّي حينها، ويأتي بالمتروك، فعلى سبيل المثال: إن ترك المصلّي التسبيح في الركوع، وتذكّره قبل النزول إلى السجود، فيرجع ويركع ويسبّح ربّه.
- الحالة الثانية: تذكّر الواجب المتروك بعد الوصول إلى الركن الذي يليه: فعلى سبيل المثال إن ترك المصلّي التسبيح في الركوع، وتذكّره بعد النزول إلى السجود، فلا يرجع، بل يؤدّي سجود السهو.
- ترك سنةٍ من سنن الصلاة: فلا تبطل الصلاة بترك أي سنةٍ، سواءً كان الترك عمداً أو سهواً ونسياناً، ولا سجود للسهو بسبب ذلك الترك.
- الشكّ: وينحصر في حالتَين بيانهما آتياً:[٥]
- الحالة الأولى: ترجيح أحد الأمرَين المشكوك فيهما على الآخر، فيُتمّ المصلّي صلاته بناءً على الأمر الراجح، ويسجد للسهو، فإن شكّ المصلّي إن أدّى ركعتَين أم ثلاث من فرض المغرب، وترجّح لديه أنّه أدى ركعتَين، فيتمّ صلاته بناءً على أنّه أدّى ركعتَين، ويسجد للسهو، ويسلّم.
- الحالة الثانية: عدم ترجّح أحد الأمرَين على الآخر؛ فيُتمّ المصلّي حينها صلاته بناءً على عدد الركعات الاقل، ويسجد للسهو، فإن شكّ المصلّي إن أدّى ثلاث ركعاتٍ أم ركعتَين من فرض المغرب، ولم يترجّح لديه أي أمرٍ، فيُتمّ صلاته بناءً على أنّه أدّى ركعتَين، ويسجد للسهو.
كيفية سجود السهو
يؤدّى سجود السهو بالسجود مرّتَين بعد السلام من الصلاة في كل الحالات السابق ذكرها، ويسلّم المصلّي بعد السجدتَين، ولا يؤدّى قبل الصلام إلّا في حالتَين بيانهما آتياً:[٦]
- الحالة الأولى: حالة الشكّ في الصلاة، وعدم ترجيح أحد الأمرَين على الآخر، وإتمام الصلاة بناءً على العدد الأقلّ من الركعات.
- الحالة الثانية: حالة النقص من أقوال أو أفعال الصلاة -كما سبق بيانه-.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 234. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 339-338. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:571، صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، سجود السهو، صفحة 12-20. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 342. بتصرّف.
- ↑ حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 193-191.