تُعدّ صلاة العشاء آخر صلاةٍ يُؤدّيها المسلم في اليوم، وهي إحدى الصلوات الخمس التي فرضها الله على كلّ مُسلمٍ في اليوم والليلة؛[١] والعشاء اسمٌ لأوّل الظلام، وسُمِّيت صلاة العشاء بذلك؛ لأنّها الصلاة التي تُؤدّى في ذلك الوقت، وتُسمّى أيضاً بصلاة العتمة كما ورد في الكثير من الأحاديث النبويّة؛ ومنها ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قال: "ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا".[٢][٣]


وقت صلاة العشاء

بَيّن العلماء أوّل وقت لصلاة العشاء وآخر وقت لها، وتفصيل ما ذهبوا إليه آتياً:


أول وقت صلاة العشاء

اتّفق العلماء على أنّ وقت صلاة العشاء يبدأ بانتهاء وقت صلاة المغرب ورفع أذان العشاء.[٤]


آخر وقت صلاة العشاء

اختلف العلماء في آخر وقت صلاة العشاء، وبيان خلافهم آتياً:[٤][٥]

  • الحنفيّة والشافعيّة: إنّ وقت صلاة العشاء ينتهي بطلوع الفجر الثاني؛ أي الأذان الثاني للفجر.
  • المالكية: قالوا إنّ صلاة العشاء ينتهي وقتها بانقضاء ثُلث الليل؛ ويُحسَب ثُلث الليل بقسمة مجموع عدد الساعات من غياب الشمس إلى أذان الفجر الثاني على ثلاثة، بحيث يكون الجزء الأول هو ثلث الليل الأول المقصود في قولهم؛ فعلى سبيل المثال إن كانت الشمس تغيب الساعة السادسة مساءً وأذان الفجر يُرفَع الساعة السادسة صباحاً، فإنّ تُلث الليل الأوّل ينتهي الساعة التاسعة مساءً.
  • الحنابلة: قالوا إنّ آخر وقت صلاة العشاء يتفرّع إلى:
  • الوقت الاختياري: ويمتدّ إلى منتصف الليل؛ ويُحسَب منتصف الليل بقسمة مجموع عدد الساعات من غياب الشمس إلى أذان الفجر الثاني على اثنَين، بحيث يكون النصف الأول هو المُراد بمنتصف الليل؛ فعلى سبيل المثال إن كانت الشمس تغيب الساعة السادسة مساءً وأذان الفجر يُرفع الساعة السادسة صباحاً، فإنّ منتصف الليل يكون الساعة الثانية عشرة ليلاً.
  • الوقت الضروري: ويمتدّ إلى طلوع الفجر الثاني (الأذان الثاني للفجر).


عدد ركعات صلاة العشاء

يُؤدّى فَرض العشاء أربع ركعاتٍ،[١] أمّا سُنّة العشاء المُؤكدة التي حافظ عليها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فتُؤدّى ركعتَين بعد الفرض، أمّا السنّة غير المُؤكدة؛ أي التي كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يحافظ عليها أغلب الأوقات ويتركها أحياناً، فتُؤدّى ركعتَين أيضاً قبل الفَرض.[٦]


كيفيّة صلاة العشاء

تُؤدّى صلاة العشاء باتِّباع الخطوات الآتية:[٧]

  • تطهير الجسد والمكان والثوب، والتأكُّد من دخول وقت الصلاة.
  • استقبال القِبلة وعقد النيّة في القلب على أداء صلاة العشاء.
  • أداء تكبيرة الإحرام.
  • ترديد دعاء الاستفتاح، ومن صِيغه: "اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ"،[٨] ويُمكن ترديده بصيغٍ أخرى أيضاً.
  • الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
  • البسملة.
  • قراءة سورة الفاتحة، وقول: "آمين" بعدها.
  • قراءة ما تيسّر من القرآن غيباً.
  • الركوع بقول: "الله أكبر"، وتعظيم الله في الركوع بقول: "سبحان ربي العظيم" مرّة، ويُسَنّ تكرارها ثلاث مرّات أو أكثر.
  • الرفع من الركوع بقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد من غير المأموم، وقول: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوت وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد"، للإمام، والمأموم، والمنفرد.
  • السجود بقول: "الله أكبر"، والاستقرار على الجبين مع الأنف، وبواطن الكفّين، والركبتين، وبواطن أصابع القدمَين، وتعظيم الله في السجود بقول: "سبحان ربي الأعلى" مرّةً، ويُسَنّ تكرارها ثلاث مرّات أو أكثر.
  • الرفع من السجود بقول: "الله أكبر".
  • أداء السجود الثاني كالأول.
  • الرفع من السجود الثاني والقيام لأداء الركعة الثانية كالركعة الأولى.
  • الجلوس بعد أداء الركعة الثانية، وقراءة التشهُّد؛ وهو: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ".[٩]
  • القيام من التشهُّد بقول: "الله أكبر".
  • أداء الركعة الثالثة كغيرها من الركعات، إلّا أنّه يتمّ الاكتفاء فيها بقراءة سورة الفاتحة دون قراءة أيّ سورةٍ بعدها.
  • أداء الركعة الرابعة كالركعة الثالثة.
  • الجلوس للتشهُّد؛ بقول: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ"،[٢] ثمّ الصلاة على النبيّ –عليه الصلاة والسلام-؛ بقول: "اللهمّ صلٍّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيدٌ وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ"،[١٠] ثمّ الدعاء بخيرَي الدُّنيا والآخرة.
  • التسليم عن اليمين وعن اليسار.


أحكامٌ متعلّقةٌ بصلاة العشاء

النوم قبل صلاة العشاء

يُكرَه النوم قبل صلاة العشاء؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام-: "كانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَ العِشاءَ -الَّتي تَدْعُونَها العَتَمَةَ -وكانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَها، والحَدِيثَ بَعْدَها"؛[١١] وذلك خشية فواتها وتضييعها، واستثنى الحنفيّة من ذلك مَن وَكَّل غيرَه بإيقاظه.[١٢]


الحديث بعد صلاة العشاء

يُكرَه الحديث الذي لا فائدة منه بعد صلاة العشاء، ويُستثنى من ذلك الحديث المهمّ، وقراءة القرآن، وحضور مجالس العلم؛ والحكمة من الكراهة؛ حتى لا تفوت المسلم صلاة الفجر وقيام الليل؛ ولتكون الصلاة آخر ما يختم به يومه.[١٢]


فضل أداء صلاة العشاء جماعةً

شَبّه النبيّ –عليه الصلاة والسلام- أداء صلاتَي الفجر والعشاء في جماعةٍ بقيام الليل؛ لِعِظَم فضل المحافظة عليها؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قال: "مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ".[١٣][١٤]


المراجع

  1. ^ أ ب عبدالله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 21-22. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:652، صحيح.
  3. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 314-315. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 251-252. بتصرّف.
  5. محمد صالح المنجد (8/1/2002)، "مواقيت الصلوات الخمس"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2020. بتصرّف.
  6. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 347. بتصرّف.
  7. عبدالله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 22-30. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:744، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7381، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:3370، صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي برزة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:547، صحيح.
  12. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 317-318. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:656، صحيح.
  14. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة الجماعة، صفحة 40. بتصرّف.