فرض الله -تعالى- على عباده أداء خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وهي: الفجر أو الصبح، والظهر، والعصر، والمغرب والعشاء؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مخاطبًا معاذ بن جبلٍ -رضي الله عنه-: (إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ)،[١] ولكلّ صلاةٍ من هذه الصلوات ميقاتٌ محدَّدٌ شرعه الله -تعالى-؛ لتؤدّى فيه،[٢] وفيما يأتي حديثٌ عن صلاة الظهر وفضلها.


فضل صلاة الظهر

صلاة الظهر أوّل صلاةٍ أُدّيت في الإسلام، وذلك لما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَمَّنِي جبريلُ عليه السلامُ عندَ البيتِ مرتينِ، فصلَّى الظهرَ في الأولَى منهما حينَ كان الفَيْءُ مثلَ الشراكِ)؛[٣] لذا أُطلق عليها الصلاة الأول، كما يطلق عليها: صلاة الهجير؛ والهجير شدَّة الحرّ، نسبةً إلى الوقت الذي تؤدّى فيه صلاة الظهر،[٤] كما روى أبو برزة الأسلميّ -رضي الله عنه- حين سُئل عن صلاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للفرائض: (كانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ -الَّتي تَدْعُونَها الأُولَى- حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ،...).[٥][٦]


وتأتي صلاة الظهر في وقتٍ يكون الناس منهمكين بأشغالهم وأعمالهم، وبأدائهم لها تطمئن قلوبهم، وتسكن أرواحهم التي قد يعتريها التوتر والتعب أثناء العمل، كما أنّ وقت الظهر يوافق في كثيرٍ من المناطق أجواءً حارَّةً؛ فإذا أدّوها في هذا الوقت تذكروا حرّ جهنّم؛ فاستعاذوا بالله منها، ودعوه أن يقيهم حرّها وعذابها،[٧] وأمّا من حيث الفضيلة والثواب والأجر؛ فلم يرد في صلاة الظهر شيءٌ مخصوصٌ، إلّا أنّها داخلةٌ ومشمولةٌ في عموم فضل أداء الصلوات الفرائض مطلقًا، وفيما يأتي ذكرٌ وبيانٌ لفضل الصلاة.


النهي عن الفحشاء والمنكر

إنّ من أعظم فضائل الصلاة وثمراتها -بما فيها صلاة الظهر-؛ أنّها تنهى المسلم عن المنكرات وقبائح الأفعال، كما جاء في قول الله -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[٨][٩]


مغفرة الخطايا والذنوب

إنّ أداء الصلوات الخمس والمحافظة عليها سبب لمغفرة الذنوب ومحو الخطايا؛ كما يمحو ويغسل الماء ما علق بالإنسان من أقذارٍ وأوساخٍ؛[٩] بدليل ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا)،[١٠] ودرنه؛ أي وسخه.


الصلاة نورٌ في الدنيا والآخرة

تكون الصلاة لصاحبها ومن حافظ عليها نورًا في الدنيا والآخرة، ودليلًا على إيمانه بالله -تعالى-، كما جاء في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (من حافَظَ عليها كانت لَه نورًا وبُرهانًا ونجاةً إلى يومِ القيامةِ).[١١][٩]


الصلاة سببٌ لرفع الدرجات

ترفع الصلاة درجة المؤمن في الآخرة إن داوم عليها، ومشى لأدائها في جماعةٍ، كما جاء في قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً).[١٢][٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:19، حديث صحيح.
  2. محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 62-63. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن التمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:149، حسن صحيح.
  4. "شرح حديث: كان يصلي الهجير"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2022. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي برزة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:547، حديث صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 309-310. بتصرّف.
  7. د.إبراهيم بن محمد الحقيل (27/6/2018)، "صلاة الظهر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2022. بتصرّف.
  8. سورة العنكبوت، آية:45
  9. ^ أ ب ت ث سعيد بن وهب القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 115-119. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:667، حديث صحيح.
  11. رواه العراقي، في طرح التثريب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:147، حديث صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:666، حديث صحيح.