يعد الوضوء شرطاً من شروط صحة الصلاة، حيث لا تقبل الصلاة ولا تصحّ من العبد من غير وضوء، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُقْبَلُ صَلاةُ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ)،[١][٢] فلا بدّ للمسلم أن يحرص على أداء الوضوء بالكيفية الصحيحة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقبل منه صلاته، وفي هذا المقال سيتم عرض كيفية الوضوء على الوجه الصحيح.[٣]
كيفية الوضوء للصلاة
فيما يأتي بيان الصفة الصحيحة والكيفية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم للوضوء:[٤][٥][٦]
استحضار النية
فعند إرادة الوضوء، ينبغي للمسلم أن يستحضر النية، فينوي الطهارة ورفع الحدث، وتجدر الإشارة إلى أن النية عمل قلبي، لا دخل للسان به.
التسمية
حيث يسنّ للمسلم بعد أن ينوي الوضوء وقبل أن يشرع به أن يسمّي، فيقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لا صلاةَ لمن لا وُضوءَ له ولا وضوءَ لمن لم يَذكرِ اسمَ اللهِ عليه)،[٧] وحمل أهل العلم هذا الحديث على الاستحباب لا على الوجوب.
غسل الكفين
ثم يشرع المسلم بعد أن يسمّي بغسل كفيْه ثلاث مرات، ويعد غسلهما من سنن الوضوء، فعن الصحابي الجليل حذيفة الثقفي رضي الله عنه قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم استوكفَ ثلاثًا)،[٨] أي غسل كفيه ثلاث مرات، وتجدر الإشارة إلى أنه يسنّ للمسلم أن يستاك بالسواك بعد غسل كفيْه، حيث إن محله عند المضمضة، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرْتُهم بالسواكِ مع كلِّ وضوءٍ).[٩]
المضمضة والاستنشاق
وتعرف المضمضة بإدارة الماء في الفم وتحريكه، ويعرف الاستنشاق بإدخال الماء داخل الأنف ودفعه للخارج، ويسنّ التثليث فيهما، حيث جاء في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: (فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ مِن ثَلاثِ غَرَفاتٍ).[١٠]
غسل الوجه
وحد الوجه الذي يجب غسله من منابت شعر الرأس إلى أسفل الذقن طولاً، ومن الأذن اليمنى إلى الأذن اليسرى عرضاً، ويعد غسل الوجه من فرائض الوضوء، ويسن غسله ثلاثاً، فجاء في الحديث في صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام: (ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ ثَلاثًا)،[١١] ولا بد من الإشارة أن شعر لحية الرجل يجب غسلها لأنها تدخل في حدود الوجه، فإن كانت اللحية خفيفة وجب غسل ظاهرها وباطنها، وإن كانت كثيفة وجب غسل بظاهرها، وتخليل الماء في باطنها.
غسل اليدين
ويعد غسل اليدين فرض من فرائض الوضوء، وحد اليد التي يجب غسلها من أطراف الأصابع إلى المرفق، وهي العظمة التي تجمع الذراع مع العضد، والمرفق داخل في الغسل، ويسنّ التثليث في غسلهما، فجاء في الحديث: (ويَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا والأُخْرَى ثَلاثًا)،[١١] ولا بدّ من إزالة كل ما علق في اليد والأظافر، التي تمنع من وصول الماء إلى البشرة، كالأصباغ، والطلاء، والدهان، ونحو ذلك.
مسح الرأس
وحدّه من مقدمة منبت الشعر إلى منتهاه أي قفاه، وهو فرض من فرائض الوضوء، وصفة المسح أن يبلّل يديه بماء جديد، ثم يمسح رأسه مع أذنيه وذلك بتمرير اليدين ابتداءً من مقدمة شعره حتى منتهاه، ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ فيه، ويمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، ويكون مسح الرأس مرة واحدة، حيث جاء في الحديث: (فَمَسَحَ برَأْسِهِ فأقْبَلَ به وأَدْبَرَ مَرَّةً واحِدَةً)،[١٢] وبالنسبة لشعر المرأة فإنها تمسح من مقدمة رأسها حتى رقبتها، سواء كان شعرها نازلاً أو مربوطاً.
غسل الرجلين
وغسلهما من فرائض الوضوء، ويسنّ التثليث في غسلها، وحد الرجل من أطراف الأصابع إلى الكعب، والكعب هي العظمة البارزة التي تجمع القدم مع الساق، والكعبين داخلين في الغسل، جاء في الحديث: (ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلَاثًا).[١٣]
الدعاء بعد الوضوء
يسنّ بعد الانتهاء من الوضوء قول الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: (ما مِنْكم من أحدٍ يتَوضَّأُ ، فيُسبغُ الوضوءَ ، ثمَّ يقولُ حينَ يفرُغُ من وضوئِه : أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ ، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه ، إلَّا فُتِحتْ لهُ أبوابُ الجنَّةِ الثَّمانيةِ ، يدخلُ مِن أيِّها شاءَ).[١٤]
الترتيب والموالاة
حيث يجب أن تؤدى أفعال الوضوء وفرائضه مرتبة، دون تقديم عضو عن الآخر، بالكيفية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما ورد في الآية الكريمة في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)،[١٥] وأن يكون غسل الأعضاء متوالياً، لا يفصل بينهما بفاصل زمني طويل.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 225.
- ↑ ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، فتاوى ابن باز، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ "صفة الوضوء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "شرح صفة الوضوء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم:324، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن حذيفة بن أوس الثقفي، الصفحة أو الرقم:83، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبو هريرة وعلي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:7490، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:235، صحيح.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:236، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:235، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:164، صحيح.
- ↑ رواه صحيح الجامع، في الألباني، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:5803، صحيح.
- ↑ سورة المائدة، آية:6