الوضوء في اللغة يُراد به: الحُسن والنظافة، وفي الاصطلاح الشرعيّ يطلق على: تطهير أعضاءٍ مخصوصةٍ من الجسد بالماء بكيفيةٍ مخصوصةٍ.[١]
مُوجبات الوضوء
يُراد بمُوجبات الوضوء: الأمور التي يجب الوضوء لها، ويُحرّم على المسلم الإتيان بها دون طهارةٍ ووضوءٍ، وهي:[٢]
- الصلاة: فالصلاة لا تصحّ دون وضوءٍ، استدلالاً بقول الله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ"،[٣] وقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ".[٤]
- الطواف حول الكعبة: فالوضوء واجبٌ في حثّ من أراد الطواف بالكعبة سواءً كان الطواف طواف فرضٍ أم نفلٍ، استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت عن حجّ الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "أنَّهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ"،[٥] ويُستدلّ أيضاً على وجوب الوضوء للطواف بأنّه كالصلاة فيجب له ما يجب لها.
- مسّ المصحف وحمله: فيجب الوضوء لحمل ومسّ المصحف، قال -تعالى-: "لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ"،[٦] إلّا أنّه يجوز تصفّح أوراق المصحف بعودٍ أو قلمٍ دون وضوءٍ؛ إذ لا مسّ مباشرٌ في ذلك للمصحف، كما يجوز حمله ضمن أمتعةٍ أو حقيبةٍ دون وضوءٍ،
شروط الوضوء
شروط وجوب الوضوء
شروط وجوب الوضوء هي: الشروط التي يجب الوضوء على المسلم إن تحقّقت وتوفّرت فيه، وهي:[٧]
- البلوغ؛ فلا يجب الوضوء على الصغير.
- عدم الوضوء؛ فالمتوضئ لا يجب عليه إعادة الوضوء.
- القدرة على الوضوء؛ فالعاجز عن استعمال الماء لمرضٍ ما لا يجب عليه الوضوء، وكذلك فاقد الماء.
- دخول وقت الصلاة لأصحاب الأعذار؛ كالمصاب بمرض سلس البول؛ فلا يجب عليه الوضوء إلّا بعد دخول وقت الصلاة، وكذلك المرأة المستحاضة.
شروط صحّة الوضوء
شروط صحّة الوضوء هي: الشروط التي يصحّ الوضوء بتحقّقها فإن انعدمت فلا يعدّ الوضوء صحيحاً، وهي:[٧]
- طهارة الماء.
- وصول الماء إلى العضو المُراد غسله.
- عدم وقوع ما ينافي الوضوء أثنائه؛ كخروج الريح أثناء الوضوء؛ فلا بدّ حينها من إعادة الوضوء.
- عقد النية على الوضوء، وهو شرطٌ عند الحنابلة.
شروط وجوب وصحّة الوضوء
شروط الوجوب والصحة هي: الشروط التي يجب تحقّقها معاً للحكم على وجوب وصحّة الوضوء، ولا بدّ من تحقّقها جميعاً، وهي:[٧]
- العقل؛ فالوضوء لا يجب على المجنون وإن فاق؛ يجب عليه الوضوء.
- طهارة المرأة من الحيض والنفاس؛ فلا يجب الوضوء على المرأة الحائض والنفساء، ولا يصحّ منهما.
- الإسلام.
فرائض أو أركان الوضوء
الركن هو: الجزء من الأمر الذي لا يقوم ولا يتمّ إلّا به،[٨] وأركان أو فرائض الوضوء هي:[٩]
- غسل الوجه كاملاً.
- غسل اليدين مع المرفقَين.
- غسل الرأس.
- غسل القدمَين مع الكعبَين.
- الترتيب بين الأركان السابقة.
- الموالاة بين غسل الأعضاء السابقة.
سنن الوضوء
يُراد بالسُنن في اصطلاح الفقهاء: ما طلبه الشرع دون إلزامٍ أو وجوبٍ، ويترتّب الثواب على الإتيان بها، ولا يترتّب أي إثمّ على تركها،[١٠] وسنن الوضوء هي:[١١]
- التسمية أول الوضوء.
- السواك عند إرادة الوضوء.
- غسل الكفّين ثلاث مرّاتٍ أول الوضوء.
- مضمضة الفم ثلاث مرّاتٍ.
- استنشاق الماء من الأنف ونثره ثلاث مرّاتٍ.
- وصول الماء إلى جميع أجزاء اللحية.
- وصول الماء إلى ما بين الأصابع.
- غسل كل عضوٍ ثلاثٍ مرّاتٍ.
- البدء بغسل اليمين من اليدين والقدمين قبل اليسار.
- دلك العضو باليد حين غسله بالماء.
- مسح الأُذنين بعد مسح الرأس.
- غسل جزءٍ من مقدّمة الرأس.
- غسل ما فوق المرفقَين من اليدين وما فوق الكعَبين من القدمين.
- عدم الإسراف في استعمال الماء.
- الدعاء بعد الوضوء بقول: "أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ".[١٢]
- صلاة ركعتين بعد الوضوء، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ لِبِلَالٍ: عِنْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ يا بلَالُ حَدِّثْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ في الإسْلَامِ، فإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ قالَ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِندِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، في سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهُورِ ما كُتِبَ لي أَنْ أُصَلِّيَ".[١٣]
كيفية الوضوء
يؤدّى الوضوء الكامل بالأركان والسنن بالخطوات الآتية:[١٤]
- غقد النية في القلب على الوضوء دون النطف والتلفّظ بها، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ".[١٥]
- التسمية قبل الوضوء بقول: "بسم الله".
- غسل الكفّين ثلاث مرّاتٍ.
- المضمضة ثلاث مرّاتٍ؛ بغسل الفم بالماء ثمّ بصقه.
- الاستنشاق بالأنف والاستنثار؛ أي استنشاق الماء بالأنف ثمّ نثره.
- غسل الوجه ثلاث مراتٍ، وحدود الوجه من الأُذن إلى الأُذن عرضاً، ومن مقدمة شعر الرأس إلى أسفل اللحية أو الذقن طولاً.
- غسل اليد اليُمنى من أطراف الأصابع إلى المرفقين مع تدليك الذراع بإمرار اليد عليها حين صبّ الماء، ومع غسل المرفقَين أيضاً، وإيصال الماء إلى ما بين الأصابع.
- غسل اليد اليُسرى كاليُمنى.
- مسح الرأس مرّةً واحدةً، ببل اليدين بالماء ثمّ تمريرهما على الرأس بدءاً من مقدّمته إلى آخره ثم الرجوع إلى مقدّمته.
- مسح الأُذُنين بعد مسح الرأس بإدخال السبابتين من الأصابع في الأُذُنين، ثمّ مسح ظاهرهما بالإبهامين.
- غسل القدم اليُمنى ثلاث مرّاتٍ بدءاً من الأصابع إلى الكعبين، وإيصال الماء إلى ما بين الأصابع.
- غسل القدم اليُسرى كاليُمنى.
- الدعاء بعد الوضوء بما ورد من الأدعية، ومنها:
- "أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ".[١٢]
- "سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ".[١٦]
مكروهات الوضوء
المكروه في الاصطلاح الشرعيّ يطلق على الأمر الذي لا يترتّب إثمّ على فاعله، ولا ثوابٌ على تاركه،[١٧] ومكروهات الوضوء هي:[١٨]
- الإسراف وعدم الاقتصاد في استعمال الماء.
- البخل والشحّ في استخدام الماء.
- ضرب الوجه بالماء عند غسله.
- التحدّث بحديث الناس.
- الاستعانة بالغير دون عذرٍ.
نواقض أو مبطلات أو مفسدات الوضوء
نواقض الوضوء أو مبطلاته أو مفسداته هي: الأمور التي يفسد بسببها الوضوء، وقد أجمع العلماء على عددٍ منها واختلفوا في بعضها وتفصيل ذلك في ما يأتي:[١٩]
نواقض أو مبطلات أو مفسدات الوضوء المتّفق عليها
اتّفق العلماء على عددٍ من نواقض الوضوء، وهي:[١٩]
- البول والغائط والرِّيح.
- المذي (هو: ماء أبيض يخرج عند إرادة الجِماع أو التفكير فيه، ولا تصاحبه شهوةٌ أو لذةٌ، ولا يخرج دفعاً).[٢٠]
- المني (هو: ماء ثخين يخرج بسبب تحقّق الشهوة وتصاحبة لذةٌ، يتميّز برائحة كرائحة العجين)[٢٠] إن خرج دون شهوةٍ عند جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة، أمّا الشافعية فقالوا بوجوب الغسل بسبب المني ولو كان خروجه دون شهوةٍ.
- السائل الخارج من المرأة.
- زوال العقل، سواءً بالجنون أو الإغماء أو النوم أو شرب مُسكرٍ.
نواقض أو مبطلات أو مفسدات الوضوء المختلف فيها
اختلف العلماء في عددٍ من نواقض الوضوء، وهي كالآتي:[١٩]
- مسّ موضع خروج البول والغائط باليد دون حاجز بين اليد وبين موضع المسّ.
- مسّ المرأة بشهوةٍ ولذّةٍ.
- تغسيل الميت.
- أكل لحم الإبل.
المراجع
- ↑ عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 45. بتصرّف.
- ↑ "موجبات الوضوء وما يستحب له"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-01. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:6
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6954، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1641، صحيح.
- ↑ سورة الواقعة، آية:79
- ^ أ ب ت عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 58-62. بتصرّف.
- ↑ ابن جبرين، شرح أخصر المختصرات، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 341. بتصرّف.
- ↑ أحمد عمر هاشم، كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ سيد سابق، فقه السنة، صفحة 45-51. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:234، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1149، صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 34-40. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3433، صحيح.
- ↑ أبو المنذر المنياوي، المعتصر من شرح مختصر الأصول من علم الأصول، صفحة 26. بتصرّف.
- ↑ الإيضاح ونجاة الأرواح ***/فصل في مكروهات الوضوء /i245&d165617&c&p1 "فصل في مكروهات الوضوء"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-01. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 72-76. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد صالح المنجد (2000-08-05)، "الفروق بين المني والمذي"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-01. بتصرّف.