يُراد بتقصير الصلاة أو قَصرها: أداء الصلاة الرباعية ركعتَين؛ أي أنّ الصلاة التي تُؤدّى أربع ركعاتٍ في الأصل، تُؤدّى ركعتَين بشروطٍ مخصوصةٍ مُحدَّدةٍ في الشريعة الإسلاميّة.[١]


تقصير الصلاة

تميّزت الشريعة الإسلامية بالتيسير والتخفيف عن المُكلَّف بتطبيق أوامرها وفرائضها إن توفّر السبب الشرعيّ المُعتبَر للتخفيف والتيسير، ومن الأسباب المُعتبَرة في الشريعة الإسلامية السفر الذي يَسّرت الشريعة فيه تقصير أو قَصر الصلاة بأحكامٍ مُعيَّنةٍ، وبيانها على النحو الآتي:[٢]


حُكم تقصير الصلاة

اتّفق العلماء على أنّ قَصر الصلاة في السفر أفضل من إتمامها؛ لِما ورد من أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قَصرَ الصلاة في جميع أسفاره ولم يُتمّها أبداً،[4] إلّا أنّهم اختلفوا في حُكم قصر الصلاة، وبيان اختلافهم آتياً:[٣]

  • الحنفية: قالوا بوجوب قَصر الصلاة الرباعية على المسافر، وكراهة أداء الصلاة الرباعية كما هي، ويكون المُصلّي مُسيئاً بذلك.
  • المالكية: قالوا إنّ قصر الصلاة في حَقّ المسافر سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ، ولا يترتّب أيّ إثم على المسافر إن لم يَقصر الصلاة، بل يُحرَم فقط من ثواب السنّة المُؤكَّدة وأجرها.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بجواز قَصر الصلاة الرباعية للمسافر؛ وذلك بأدائها ركعتَين.


أسباب تقصير الصلاة

يُشرَع تقصير الصلاة أو قَصرها بسبب السفر فقط، وليس لغيره من الأسباب.[٤]


شروط تقصير الصلاة

تُشترَط عدّة أمورٍ لقَصر الصلاة، وبيانها آتياً:[٥]

  • عَقد النيّة على السفر: اتّفق العلماء على أنّ عَقد النيّة على السفر شرطٌ من شروط قَصْر الصلاة؛ فعلى سبيل المثال لا يُشرَع القَصر في حقّ من خرج من بيته طالباً حاجةً ما ثمّ تحوّل طلبه إلى حاجةٍ أخرى تتطلّب قَطع مسافةٍ أطول دون أن يكون قاصداً السفر، حتى لو تجاوز المسافة المُحدَّدة شرعاً لقَصر الصلاة؛ وذلك لعدم تحقُّق نيّة السفر لديه.
  • قَطع المسافة المُحدَّدة شرعاً لقَصر الصلاة: وقد اختلف العلماء في تحديد المسافة، وبيان خِلافهم آتياً:
  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ المسافة التي يجوز فيها قَصر الصلاة تُقدَّر بثمانين كيلومتراً تقريباً.
  • الحنفية: قالوا إنّ المسافة تُقدَّر بالسير مدّة ثلاثة أيّامٍ مع لياليها.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: قال إنّ قَصر الصلاة يُشرَع في ما سُمِّي سَفراً في العُرف.
  • الخروج من محلّ الإقامة: إذ لا يشرَع المسافر في قَصر الصلاة إلّا بعد أن يُفارق مَحلّ إقامته بجَسده.
  • عقد النيّة على القصر عند كلّ صلاةٍ: وقد اختلف العلماء في ذلك، وبيان أقوالهم آتياً:
  • الحنفية: صرّحوا بأنّ عَقد النيّة على القَصر عند كلّ صلاةٍ لا يُعَدّ شرطاً.
  • المالكيّة: قالوا بعَقد النية على القَصر عند أوّل صلاةٍ يُؤدّيها المسافر، ولا يُشترَط تجديدها عند أداء كلّ صلاةٍ.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بعَقد النية على القَصر عند أداء كلّ صلاةٍ، فإن لم يعقد المسافر النيّة عند كلّ صلاة، فإنّ عليه أن يُتمّها.
  • إباحة السفر عند المالكيّة والشافعية والحنابلة؛ أي أن لا يكون سفراً في معصية، أمّا الحنفيّة فقد قالوا بأنّ القَصر مُباح في السفر مُطلَقاً.
  • عدم نيّة الإقامة مدّة تزيد عن أربعة أيّام: أي أن لا ينوي المسافر الإقامة في البلد التي سافر إليها مدّةً تتجاوز أربعة أيامٍ.


أحكامٌ مُتعلّقةٌ بتقَصير الصلاة

تتعلّق العديد من الأحكام بمسألة قَصر الصلاة، وبيان البعض منها آتياً:[٦]

  • صلاة المُقيم خلف المسافر: تصحّ صلاة المُقيم خلف المسافر، ويُتمّ المُقيم الصلاة الرباعية؛ فيُؤدّي الركعتَين الباقيتَين بعد تسليم المسافر؛ لِما ورد في ذلك من الآثار، كما نقل ابن قدامة إجماع العلماء على ذلك؛ فقال: "أجمع أهل العلم على أنّ المقيم إذا ائتمَّ بالمسافر، وسلَّمَ المسافر من ركعتَين أنّ على المُقيم إتمام الصلاة"، وقد ورد عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنّه كان يُصلّي ركعتَين حين ذهابه إلى مكّة المُكرّمة ويقول لأهلها: "يا أهل مكّة أتمّوا صلاتكم فإنّا قومٌ سفرٌ".
  • صلاة المسافر خلف المُقيم: تصحّ صلاة المسافر خلف المُقيم، إلّا أنّ المسافر يُؤدّي صلاته تامّةً مع إمامه المُقيم؛ سواءً أدرك جميع ركعات الصلاة، أم لم يُدركها جميعها؛ لِما ورد عن موسى بن سلمة من أنّه قال: "كُنَّا مع ابنِ عباسٍ بمكةَ فقلتُ: إنّا إذاً كنّا معكم صلّينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلّينا ركعتين قال: تلك سُنّة أبي القاسم صلّى الله عليه وسلم".[٧]


المراجع

  1. عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 427. بتصرّف.
  2. محمد حسن عبدالغفار، القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، صفحة 5. بتصرّف.
  3. عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 427. بتصرّف.
  4. محمد صالح المنجد (2008-10-20)، "الفرق بين الجمع والقصر"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-30. بتصرّف.
  5. عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 408-413. بتصرّف.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المسافر، صفحة 59-61. بتصرّف.
  7. رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن موسى بن سلمة، الصفحة أو الرقم:260، صحيح.