سجود السهو

سجود السهو هو: السجود المصلّي مرّتين بسبب النسيان إن وقع في صلاته؛ فيسجد جبراً للخلل أو النقص الذي وقع في صلاته، وقد قال الإمام ابن القيّم -رحمه الله- في ذلك: "وهذا هو السرّ في سجدتي السهو؛ ترغيماً للشيطان في وَسْوَستِهِ للعبد، وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة ولهذا أسماهما النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالمرغمتين، وأمر مَن سها بهما".[١]


كيفية سجود السهو

اختلف العلماء في تحديد وبيان كيفية سجود السهو، وبيان ما ذهب إليه كلّ مذهبٍ من مذاهب العلماء فيما يأتي:[٢]

  • الحنفية: قالوا إنّ سجود السهو يكون بعد التسليم من الصلاة دائماً، ولا بدّ فيه من النية، وقالوا أيضاً وجوب التسليم بعد سجود السهو مطلقاً، وإن كان السجود بعد التسليم من الصلاة، وإن لم يسلّم يكون تاركاً للواجب، ولا يقوم التسليم من الصلاة مقام التسليم من سجود السهو، فيعدّ كلّ تسليمٍ منفصلٌ عن الآخر.
  • المالكية: قالوا إنّ سجود السهو يؤدّى بالسجود مرّتين، ثمّ التشهّد بعدهما دون الصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أو الدعاء؛ أي بالسجود ثمّ التشهّد فقط، ثمّ التسليم إن كان السجود بعد التسليم من الصلاة، فالتسليم من سجود السهو واجبٌ.
  • الشافعية: قالوا يؤدّى سجود السهو بالنيّة ثمّ السجود مرّتين قبل التسليم من الصلاة وبعد التشهّد والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ التسليم من الصلاة عن اليمين واليسار.
  • الحنابلة: قالوا إنّ سجود السهو يؤدّى بالتكبير والسجود مرّتين، وإمّا أن يكون قبل التسليم من الصلاة أو بعده، فإنّ كان بعد التسليم من الصلاة؛ فلا بدّ من التشهّد بعده ثمّ التسليم، ولا يُكتفى بالتشهّد الأول الخاص بالصلاة، أمّا إن كان سجود السهو قبل التسليم من الصلاة فلا تشهّد بعده، وقال الحنابلة إنّ الأفضل أن يكون سجود السهو قبل التسليم من الصلاة، إلّا في حالتين؛ الأولى: إن كان سجود السهو بسبب نقص ركعةٍ أو أكثر من ركعات الصلاة، فيأتي المصلّي بالنقص، ثمّ يؤدّى سجود السهو بعد التسليم، والحالة الثانية: الشكّ في الصلاة، وإتمام الصلاة بناءً على غلبة الظن؛ فالأفضل حينها السجود بعد التسليم من الصلاة.


أسباب سجود السهو

الزيادة في الصلاة

الزيادة في الصلاة تكون على نوعين؛ بيانهما آتياً:[٣]

  • زيادة فعلٍ من أفعال الصلاة: وتكون على ثلاث حالاتٍ، وهي:
  • زيادة فعلٍ من جنس الصلاة؛ كزيادة سجود أو ركوع، فإن كانت عن قصدٍ فالصلاة باطلةٌ، وإن كانت سهواً؛ فيؤدّى سجود السهو وتكون الصلاة صحيحةٌ، أمّا زيادة ركعةٍ

على ركعات الصلاة سهواً؛ فيسجد المصلّي للسهو إن لم يعلم بالزيادة إلّا بعد أداء تلك الركعة، أمّا إن عَلِم بزيادة تلك الركعة أثناء أدائها، فيجلس في الحال ولا يُتمّ أداء الركعة، ويتشهّد إن لك يتشهّد قبل الركعة، ويسجد للسهو ويسلّم.

  • زيادة فعلٍ من غير جنس الصلاة؛ كالمشي، وهذه الزيادة لا سجود للسهو بسببها، وتكون تلك الحركات على ثلاثة أنواعٍ؛ الأول: ما يبطل الصلاة: وهي الحركات الكثيرة المتوالية دون ضرورةٍ، والثاني: الحركة المكروهة في الصلاة: وهي الحركة اليسيرة دون حاجةٍ، والثالث: الحركة الجائزة في الصلاة: وهي الحركة اليسيرة التي تؤدّى لحاجةٍ.
  • الأكل والشرب: فتبطل الصلاة إن كان عن قصدٍ، ولا تبطل إن كان دون قصدٍ.
  • زيادة قولٍ على أقوال الصلاة: وتكون على ثلاث حالاتٍ:
  • زيادةٌ من جنس الصلاة: مثل: قراءة سورة الفاتحة في الركوع أو السجود، أو التسبيح حال القيام، فتُكره تلك الزيادة إن كانت عن قصدٍ ولا يجب سجود السهو بسببها بل يستحبّ، مع الإشارة إلى أنّ المقصود ممّأ سبق الإتيان بالذكر في محلّه وزيادة قولٍ عليه.
  • التسليم قبل إتمام الصلاة: فإن كان عن قصدٍ؛ بطلت الصلاة، وإن كان التسليم سهواً؛ وطالت المدة بين التسليم أو انتقض الوضوء؛ بطلت الصلاة، ووجبت إعادتها، وإن لم تطل المدة ولم ينتقض الوضوء؛ فيُتمّ المصلّي صلاته، ويسجد للسهو.
  • زيادةٌ من غير جنس الصلاة: فأن كان الكلام عن قصدٍ بطلت الصلاة، وإن كان سهواً أو جهلاً؛ فلا تبطل الصلاة، ولا يجب سجود السهو.


النقص من الصلاة

النقص في الصلاة يكون على ثلاثة أركانٍ بيانها آتياً:[٣]

  • ترك ركنٍ من أركان الصلاة: كترك الركوع أو السجود، فإن كان الترك عن قصدٍ بطلت الصلاة، أمّا إن كان الترك سهواً وكان المتروك تكبيرة الإحرام؛ فتبطل الصلاة أيضاً، ولا بدّ من إعادتها، أمّا ترك ركنٍ من غير تكبيرة الإحرام سهواً؛ فيكون على ثلاث حالاتٍ:
  • تذكّر ما نُسي قبل البدء بقراءة الركعة التالية، فيرجع المصلّي حينها ويؤدّي ما تركه وما بعده من الأقوال والأفعال، فعلى سبيل المثال إن ترك المصلّي الركوع، وتذكّره حال القيام إلى الركعة الثانية فيرجع ويأتي بالركوع والسجودين، ثمّ يؤدي الركعة الثانية.
  • تذكّر ما نُسي بعد البدء في قراءة الركعة التالية؛ فتُلغى الركعة التالية وتقوم مقام الركعة السابقة لها، فعلى سبيل المثال: إن تذكّر المصلّي الركوع بعد بدء قراءة سورة الفاتحة من الركعة التالية، فتكون الركعة التالية مقام سابقتها ولا تعدّ من ضمن الركعات.
  • تذكّر ما نُسي بعد التسليم من الصلاة؛ فيأتي المصلّي بركعةٍ أخرى، ويسجد للسهو، أمّا إن ترك التشهّد الأخير أو الجلوس له أو السلام، فيأتي به ثمّ يؤدي سجودالسهو.
  • ترك واجبٍ من واجبات الصلاة: كترك التسبيح في الركوع أو السجود؛ فإن كان عن قصدٍ بطلت الصلاة، وإن كان سهواً فعلى عدّة حالاتٍ بيانها آتياً:
  • الحالة الأولى: تذكّر ما تُرك قبل الوصول إلى الركن الذي يليه؛ فيرجع المصلّي ويأتي بما ترك، فعلى سبيل المثال: إن ترك السبيح في الركوع، وتذكّره قبل السجود فيرجع ويأتي به.
  • الحالة الثانية: تذكّر ما تُرك بعد الوصول إلى الركن الذي يليه؛ فلا يرجع المصلّي حينها ويجب عليه سجود السهو؛ فإن تذكّر التسبيح في الركوع بعد أداء السجود، فلا يرجع لأداء الركوع والتسبيح فيه، بل يُتمّ صلاته، ويسجد للسهو.
  • ترك سنةٍ من سنن الصلاة: فلا تبطل الصلاة بترك سننٍ من سننها، ولا يجب سجود السهو بسبب الترك.


الشكّ في الصلاة

الشكّ في الصلاة ينحصر في حالتَين بيانهما آتياً:[٤]

  • الحالة الأولى: غلبة أحد الأمرين المشكوك فيهما؛ فيعمل المصلّي بناءً على ما ترجّح لديه، فيتمّ صلاته، ويسجد للسهو، فإن غلب على ظنّه أنّه أدّى فرض المغرب ثلاث ركعات وليس ركعتَين، فكأنّه أدى الصلاة كاملةً، ويسجد للسهو فقط.
  • الحالة الثانية: عدم غلبة أحد الأمرين على الآخر؛ فيتُمّ المصلّي صلاته بناءً على العدد الأقل، فإن شكّ في فرض العصر إن أدّى ثلاث أم أربع ركعاتٍ، ولم يترجّح لديه أي أمرٍ؛ فيبني صلاته على الثلاث ركعاتٍ، فيؤدّي ركعةً أخرى، ويسجد للسهو.


المراجع

  1. الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (14/12/2016)، "تعريف سجود السهو والحكمة منه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2021. بتصرّف.
  2. عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 408-410. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، سجود السهو، صفحة 12-20. بتصرّف.
  4. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 342.