عبادة الله باسمه الوتر
عباده الله باسمه الوتر من أجلّ وأعظم ما يتقرّب به العبد من ربّه، وتتحقّق عبادة الله تلك بالعديد من الأمور؛ منها: تنزيه الله -عزّ وجلّ- عن الشبيه والنظير له، فلا يُمكن مشابهة الله -تعالى- بمخلوقاته، ومحبّة صفة الله الوتر، ومحبة التفرّد والسبق والتقدّم بالخيرات والأعمال الصالحة بمختلف أنواعها، ودعاء الله -سبحانه- باسمه الوتر.[١]
معنى الله وتر يحب الوتر
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لِلَّهِ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْمًا، مِئَةٌ إلَّا واحِدًا، لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، وهو وتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ)،[٢] والوتر في اللغة يعني: الفرد من الشيء، والوتر في اصطلاح العقيدة يعني أنّ الله -سبحانه متفرّدٌ لا يُشابهه أحدٌ، فهو فردٌ أحدٌ لا شريك ولا نظير ولا شبيه له في كلّ شيءٍ، فهو واحدٌ في صفاته، وواحدٌ في أفعاله لا شريك له ولا مُعين، قال -سبحانه-: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ*اللَّـهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)،[٣] وقال أيضاً: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).[٤]
فقد أثبت الله لنفسه في الآية السمع والبصر ونفى أنّهما كسمع أو بصر أحدٍ من مخلوقاته، أي أنّ الله -تعالى- لا يُشابه أو يُماثل أحداً غيره، وكذلك كلّ صفاته -عزّ وجلّ-، كما يدلّ الحديث النبوي السابق أنّ الله -تعالى- فضّل الوتر على الكثير من العبادات والطاعات، ويُراد بالوتر المفضّل في الحديث عدّة معانٍ هي:[٥][٦][٧]
- تفضيل الوتر؛ أي العدد الفردي في العبادات والطاعات، ولذلك جُعل الطواف حول الكعبة سبعة أشواطٍ، وكذلك السعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار للحاجّ، بالإضافة إلى تفضيله في الخَلق، فقد خلق الله -سبحانه- الكثير من مخلوقاته وتراً؛ كالسماوات السبع، وكذلك أيّام الأسبوع، وغيرها.
- تفضيل صلاة الوتر على غيرها من صلوات النوافل، استدلالاً بما ورد أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللهَ وِترٌ يُحبُّ الوِترَ فأوتروا يا أهلَ القرآنِ)،[٨] أي أنّ الوتر من أكثر صلوات التطوّع والمستحبّة تأكيداً، مع الإشارة إلى أنّه مستحبٌّ في حقّ جميع المسلمين، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خصّ أهل القرآن بالذكر في الحديث السابق؛ لأنّهم يداومون على تلاوة آيات القرآن في صلواتهم، ولا يدلّ الأمر في الحديث على أنّ الوتر واجبٌ، بل ذُكر بصيغة الأمر للدلالة على أنّه من أهمّ النوافل، فلم يتركه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الإقامة أو السفر، مع الإشارة إلى أنّه ليس أفضل أو من أهمّ الصلوات المفروضة على المسلم.[٥]
- الإشارة إلى مَن يعبد الله -سبحانه- وحده بإفراده بالعبادة والإخلاص والوحدانية وعدم الإشراك به شيئاً، وبربط المعنى بالحديث السابق يكون المُراد أنّ الله -سبحانه- يحبّ عباده المُخلصين له وحده في العبادة ولا يُشركون به شيئاً المتعلّقين به وحده.[٩]
المراجع
- ↑ د. شريف فوزي سلطان (26/5/2019)، "الوتر جل جلاله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6410، صحيح.
- ↑ سورة الإخلاص، آية:1-4
- ↑ سورة الشورى، آية:11
- ^ أ ب عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ "الوتر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
- ↑ أسماء بنت راشد الرويشد، " " خامسًا : يحب الله الوتر ""، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:2/294، إسناده صحيح.
- ↑ "الوتر مفضل في الأعمال وكثير من الطاعات"، إسلام ويب، 30/10/2003، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.