الرزق بيد الله

خلق الله -تعالى- الخَلق، وقسم لهم الأرزاق، فرزق كل مخلوقٍ من مخلوقاته، قال -عزّ وجلّ-: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّـهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ)،[١] فقد رزق الله مخلوقاته ليستعينوا بما رزقهم على عبادته وطاعته، وعدم معصيته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إنّ الله خلق الخلق ليعبدوه وإنّما خلق الرزق لهم ليستعينوا به على عبادته".[٢]


صلاة الرزق

لم يرد أي نصٍّ من السنة النبوية يدلّ على مشروعيّة ما يسمّى بصلاة الرزق، فأداء ركعتَين بنيّة الرزق بقراءة مخصوصةٍ وكيفيةٍ مخصوصةٍ من البِدع المُحدثة في الدِّين الإسلامي، التي لم يأذن بها الله -تعالى-، كما نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن الابتداع والإحداث في الدِّين ممّا ليس فيه، فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ)،[٣] وقال أيضاً: (أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ)،[٤] إذ إنّ الأصل في العبادات التوقيف؛ أي ما شرعه الله -تعالى- أو رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فلا تُشرع أي عبادةٍ إلّا بدليلٍ عليها.[٥]


أسباب زيادة الرزق

تتعدّد الأسباب التي تعمل على زيادة الرزق، بيان البعض منها آتياً:[٦]

  • الاستغفار والتوبة: فالتوبة والإنابة إلى الله -تعالى- من أعظم الأسباب التي تؤدّي إلى زيادة الرزق، قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)،[٧] وتجدر الإشارة إلى ضرورة الاستغفار باللسان مع القلب، أي أن تكون التوبة باللسان، وبالقلب بالندم على التقصير وما فات من الذنوب والمعاصي، مع عقد العزم والإرادة على عدم العودة إليها.
  • التقوى: أي الخوف من الله -تعالى- سرّاً وجهراً، ظاهراً وباطناً، وامتثال أوامره ونواهيه، خوفاً من غضبه وعقابه، وممّا يدلّ على أنّ التقوى من أسباب زيادة الرزق؛ قول الله -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).[٨]
  • التوكّل على الله: أي تفويض الأمور إلى الله -سبحانه-، والاعتماد عليه وحده، وعدم التعلّق إلّا به، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَو أنكُم توكَّلْتُم علَى اللهِ حقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُم كما يَرْزُقُ الطَّيْرَ تغدُو خِمَاصًا وتَروحُ بِطَانًا)،[٩] مع الإشارة إلى ضرورة الأخذ بالأسباب إضافةً إلى التوكّل.
  • صِلة الرَّحم: إذ إنّها من أعظم أسباب زيادة الرزق، فقد أخرج البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).[١٠]


المراجع

  1. سورة هود، آية:6
  2. د. مراد باخريصة (13/9/2011)، "الرزق"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2697، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1353، صحيح.
  5. محمد صالح المنجد (22/11/2012)، "هل هناك صلاة مخصوصة لزيادة الرزق؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  6. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 2-8. بتصرّف.
  7. سورة نوح، آية:10-12
  8. سورة الطلاق، آية:2-3
  9. رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1/181، إسناده صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5985، صحيح.