سجود التلاوة

السجود في اللغة: مصدرٌ من الفعل الثلاثي سَجَدَ، ويُراد به: الخضوع والذلّ، أمّا في الشرع فهو: وضع أعضاءٍ مخصوصةٍ محددةٍ على الأرض بكيفيةٍ مخصوصةٍ، والتلاوة مصدرٌ من الفعل تلا يتلو، وتُطلق على القراءة، فسجود التلاوة هو: وضع أعضاءٍ مخصوصةٍ على الأرض بخضوعٍ وذلٍّ لله -سبحانه- بسبب تلاوة آيةٍ من آيات القرآن أو استماعها.[١]


حكم سجود التلاوة عند المذاهب الأربعة

حكم سجود التلاوة للقارئ

اختلف العلماء في حكم سجود التلاوة لقارئ آيات القرآن الكريم، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٢]

  • الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية: قالوا بوجوب أداء سجود التلاوة في حقّ القارئ، وقد استدلّوا بعدّة أدلةٍ، منها:
  • قال الله -تعالى-: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ*وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ)،[٣] فالذمّ واللوم الوارد في الآية السابقة لتارك سجود التلاوة يدلّ على وجوبه.
  • استدلّوا أيضاً بعدّة آياتٍ قرآنيةٍ ورد فيها الأمر بالسجود، منها: (فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا).[٤]
  • احتجّوا بأنّ قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)،[٥] يدلّ على أنّ المؤمن بآيات ربّه لا بدّ أن يخرّ ساجداً له.
  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ)،[٦] فالأمر في الحديث السابق يدلّ على وجوب سجود التلاوة.
  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ سجود التلاوة سنةٌ بحقّ القارئ، ومن الأدلّة التي احتجّوا بها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (قَرَأْتُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا).[٧]


حكم سجود التلاوة للمستمع

اختلف العلماء في حكم سجود التلاوة للمستمع؛ وهو من أصغى واستمع بانتباهٍ،[٨] وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٩]

  • الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية: قالوا بوجوب سجود التلاوة في حقّ المستمع، وقد استدلّوا بالأدلة سابقة الذكر - في حكم سجود التلاوة للقارئ -.
  • جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ سجود التلاوة في حقّ المُستمع، وقد استدلّوا بالأدلة سابقة الذكر - في حكم سجود التلاوة للمستمع -.


حكم سجود التلاوة للسامع

اختلف العلماء في حكم سجود التلاوة في حقّ السامع؛ وهو مَن سمع القرآن دون قصدٍ أو إصغاءٍ،[١٠] وبيان خلافهم آتياً:[١١]

  • الحنفية: قالوا بوجوب سجود التلاوة على السامع، وقد استدّلوا بالأدلّة التي احتجّوا بها في وجوبه على القارئ .
  • المالكية والحنابلة: قالوا بعدم مشروعيّة سجود التلاوة للسامع .
  • الشافعية: قالوا إن سجود التلاوة سنةٌ في حقّ السامع .


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 212. بتصرّف.
  2. صالح اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 19-27. بتصرّف.
  3. سورة الانشقاق، آية:20-21
  4. سورة النجم، آية:62
  5. سورة السجدة، آية:15
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:81، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:1073، صحيح.
  8. "تعريف ومعنى مستمع في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 14/3/2021. بتصرّف.
  9. صالح اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 34-36. بتصرّف.
  10. محمد صالح المنجد (15/9/2007)، "سجود التلاوة يسن للقارئ والمستمع دون السامع"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 14/3/2021. بتصرّف.
  11. صالح اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 38-39. بتصرّف.