يُعَدّ التثاؤب في الصلاة من الطرق التي يلجأ إليها الشيطان؛ لإشغال فِكر المُصلّي عن صلاته، والوسوسة إليه؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "إذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ في الصَّلاةِ، فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطاعَ، فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ".[١][٢]
معنى التثاؤب
يُعرَّف التثاؤب بأنّه: فَتح الفم وانفراجه بصورةٍ كبيرةٍ لا إراديّاً؛ بسبب قلّة النوم، أو الكسل والخمول.[٣]
حُكم التثاؤب في الصلاة
يُكرَه التثاؤب في الصلاة؛ لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- من أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قال: "التَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطاعَ"،[٤] فإن وقعَ في الصلاة، فإنّ المُصلّي يجدر به مَنعه وإمساكه ما استطاع، وإن لم يستطع، فإنّه يضع يده في فَمه، مع الحرص على عدم إصدار أيّ صوتٍ أو حرفٍ أثناء التثاؤُب،[٥] أمّا في ما يتعلّق بحُكم بُطلان الصلاة بسبب التثاؤب الذي تصدر عنه بعض الحروف؛ فقد اختلف العلماء في ذلك، وبيان خلافهم آتياً:[٦]
- الحنفية: قالوا بعدم بُطلان الصلاة بالتثاؤب بشرط عدم التكلُّف وبذل الجهد في إخراج أيّ حرفٍ زائدٍ عمّا تقتضيه الطبيعة.
- المالكية والحنابلة: قالوا بعدم بُطلان الصلاة بالتثاؤب حتى وإن اشتمل على بعض الحروف للضرورة.
- الشافعية: قالوا ببُطلان الصلاة بالتثاؤب الذي يُمكن رَدّه ولم يُرَدّ، أمّا إن لم يكن رَدّه مَقدوراً عليه، فإنّ القليل منه يُعفى عنه عُرفاً.
التثاؤب في الصلاة وعلاقته بالسحر والحسد والعين
لا علاقة لكثرة التثاؤب في الصلاة بالسحر أو الحسد أو العين، وهو لا يصحّ بأيّ حالٍ من الأحوال، ولم يرد له أيّ أصلٍ شرعيٍّ أو روحانيّ حتى.[٧]
طَرد الوساوس في الصلاة
يجدر بالمسلم الحرص على أداء صلاته بكل خشوعٍ بعيداً عن أيّ وساوس، وذلك بالتزام عدّة أمور في حياته بشكل عام؛ ومنها:[٨]
- المُداومة على ذِكر الله -تعالى-، والإكثار منه.
- الحرص على تلاوة آيات القرآن باستمرارٍ.
- ترديد الأوراد والأذكار المأثورة صباحاً ومساءً.
- المحافظة على أداء الصلوات الخمس، والحرص عليها جماعةً في المسجد.
- الحرص على صُحبة الأخيار الصالحين.
- حضور مجالس العلم، والإنصات إلى العلماء.
- التضرّع إلى الله –تعالى- واللجوء إليه بالدعاء وطلب العفو والعافية منه.
- التعوُّذ بالله من الشيطان الرجيم ولو في الصلاة؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ أَتَى إلى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: "يا رَسولَ اللهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قدْ حَالَ بَيْنِي وبيْنَ صَلَاتي وَقِرَاءَتي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:ذَاكَ شيطَانٌ يُقَالُ له خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ باللَّهِ منه، وَاتْفِلْ علَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا قالَ: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني".[٩]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2995، صحيح.
- ↑ الموقع بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد، القسم العربي من موقع الإسلام، سؤال وجواب، صفحة 829. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى تثاؤب في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-01. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2994، صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 252. بتصرّف.
- ↑ عبدالرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 276. بتصرّف.
- ↑ خالد عبدالمنعم الرفاعي (2013-04-12)، "علاج التثاؤب في الصلاة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-01. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 49-50. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي العلاء البياضي، الصفحة أو الرقم:2203، صحيح.