النظر إلى موضع السجود

يُسنّ للمصلّي أن ينظر في صلاته إلى محلّ سجوده، استدلالاً بما ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لمَّا دخلَ الْكعبةَ ما خلفَ بصرُهُ موضعَ سجودِهِ حتَّى خرجَ منْها)،[١] ويُراد بُسنن الصلاة: الأقوال أو الأفعال التي لا تُبطل الصلاة إن تُركت عمداً أو سهواً ونسياناً.[٢]


حكم إغماض العينين في السجود

الأصل أن يفتح المصلّي عينيه في السجود ولا يغمضهما إلّا لحاجةٍ أو ضرورةٍ ما،[٣] إذ إنّ الثابت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يفتح عينيه في صلاته، وذلك ما ثبت أيضاً عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وفي ذلك قال ابن القيّم -رحمه الله-: "ولم يكن من هديه -صلّى الله عليه وسلّم- تغميض عينيه في الصلاة، وقد تقدّم أنّه كان في التشهّد يومئ ببصره إلى أصبعه في الدعاء، ولا يجاوز بصره إشارته".[٤]


حكم إغماض العينين في الصلاة

يُكره للمصلّي تغميض عينيه في الصلاة؛ إذ إنّ تغميضهما مظنةً للنوم، ويُسنّ للمصلّي النظر إلى محلّ سجوده، ويُستثنى من ذلك إن كان تغميضهما لتحقيق الخشوع إن وُجد ما يُلهي ويُشغل المصلّي عن صلاته والخشوع فيها، فالأولى في هذه الحالة تغميض العينين وعدم فتحهما، إذ أجمع العلماء على كراهة نظر المصلّي إلى ما يُلهيه عن صلاته وعن الخشوع فيها، فالمقصود الأعظم والهدف من الصلاة يتمثّل بالخشوع فيها، والدليل على ما سبق ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في خَمِيصَةٍ لَهَا أعْلَامٌ، فَنَظَرَ إلى أعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: اذْهَبُوا بخَمِيصَتي هذِه إلى أبِي جَهْمٍ وأْتُونِي بأَنْبِجَانِيَّةِ أبِي جَهْمٍ، فإنَّهَا ألْهَتْنِي آنِفًا عن صَلَاتي).[٥][٦]


السجود وفضله

عبادة السجود من أجلّ وأعظم العبادات التي لا تؤدّى إلّا لله وحده، قال -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)،[٧] ويُذكر من الفضائل العظيمة المترتّبة على السجود أنّه:[٨]

  • سببٌ من أسباب دخول الجنة والخلود فيها، كما ثبت في صحيح مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه-: (كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ).[٩]
  • سببٌ من أسباب تكفير الذنوب والسيئات ونيل الدرجات والمنازل الرفيعة، فقد ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً).[١٠]
  • سببٌ لاستجابة الدعاء، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ).[١١]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صفة الصلاة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:89، صحيح.
  2. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 240. بتصرّف.
  3. "هل يغمض عينيه حال السجود أم يفتحهما؟"، إسلام ويب، 18/9/2004، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2021. بتصرّف.
  4. خالد عبد المنعم الرفاعي (2018/6/14)، "حكم تغميض العينين في الصلاة"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:373، صحيح.
  6. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 300-301. بتصرّف.
  7. سورة فصلت، آية:37
  8. فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ (9/1/2018)، "السجود لله عز وجل قرب وقربة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/3/2021. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:489، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم:488، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:479، صحيح.