كيف يُصلّي المريض على السرير؟

أهل الأعذار هم الذين لا يقدرون على أداء الصلاة بصفتها الكاملة كما يؤدّيها المسلم السّليم، ويعدّ المريض واحداً منهم، ومن رحمة الله -تعالى- أنْ خفّف عن عباده ورفع عنهم المشقّة، وشرع لأهل الأعذار من الرّخص ما لم يُشرع لغيرهم، ومن ذلك ما شرعه للمريض من الصّلاة على الحالة التي يستطيعها، قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).[١][٢]


وصلاة الفريضة لا تسقط عن المريض ما دام عقله معه، وهذا من فضل الله -تعالى- ولُطفه أنْ أذِن له بالوقوف بين يديه ومناجاته وهو في حال شدّته، وسيتمّ توضيح كيفية صلاة المريض على السرير بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:[٢]

  • إنْ كان المريض يقدر على القيام من سريره في صلاة الفرض فيُصلّي ما يستطيعه قائماً بحسب قدرته.
  • إذا كان لا يستطيع القيام أبداً، وتيسّر له الجلوس بلا مشقّة؛ فيُصلّي الفريضة جالساً على السرير على هيئة جلوس التشهد أو متربِّعاً مع استقبال القبلة.
  • يحني المريض ظهره في الرّكوع والسّجود، ويكون ظهره في السّجود أخفض من الركوع.
  • إن لم يستطع حنيَ ظهره أومأ برأسه في الرّكوع والسّجود.
  • أمّا إذا كان المريض لا يستطيع الجلوس فيُصلّي على جنبه مستقبلاً القِبلة، فإنْ لم يستطع صلّى وهو مستلقٍ على ظهره مع توجيه قدميه نحو القِبلة إن تمكّن من ذلك، ويومئ برأسه في السّجود والرّكوع.
  • إنّ لم يستطع المريض الصلاة في الحالات السابقة فيُصلّي على حسب حاله كيف كان.


ويجدر بالذكر أنّ وضوء المريض يكون كغيره بالماء إن استطاع، ولو كان ذلك بمساعدة أحد أبنائه أو محارمه من النّساء، ويحرص على التطهّر من البول والغائط قبل الوضوء، ويكفي حصول النظافة والإنقاء بالماء أو غيره كالمناديل، فإنْ لم يستطع الوضوء بالماء تيمّم بضرب يديه على التراب، ثمّ مسح وجهه وكفّيه بهما،[٣] فإنْ كان صاحب سلس بولٍ دائمٍ وما شابه فيفعل ذلك -أي الوضوء أو التيمم- عند وقت كل صلاة.[٤]


حكم صلاة المريض على السرير

يختلف حكم صلاة الفرض للمريض بحسب حاله ونوع مرضِه ومدى تأثيره على أفعاله وأقواله في الصلاة، وقد اتّفق العلماء على جواز صلاة المريض جالساً إنْ لم يستطع القيام، ومستلقياً إنْ لم يستطع الجلوس، والدّليل على ذلك هو قول ما ثبت عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أنّه قال: (كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).[٥][٦]


هل يجوز للمريض أن يجمع بين الصلوات؟

تعدّدت آراء الفقهاء في جواز الجمع بين الصلوات بسبب المرض الشديد، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٧]

  • رأي الحنفية والشافية

قالوا بعدم جواز الجمع بين الصلوات بسبب المرض، سواء كان الجمع تقديماً أو تأخيراً، وذهب الشافعية إلى القول بجواز الجمع الصُّوري للمريض، وهو تأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الصلاة الثانية في وقتها مباشرة.


  • رأي المالكية والحنابلة

قالوا بجواز الجمع بين الصلوات بسبب المرض، واستدلّوا على ذلك بما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (جَمع رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ).[٨]


وبناءً على ذلك يجوز للمريض الذي شقّ عليه مرضه مشقَّةً شديدة وغير معتادة أنْ يجمع بين الصلوات، خاصّة إذا شقّ عليه الوضوء والطهارة أيضاً بسبب مرضه، فيجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، لقول الله -تعالى-: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)،[٩] ولقوله: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ).[١٠]

المراجع

  1. سورة التغابن، آية:16
  2. ^ أ ب محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 527-528، جزء 2. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الطب والمرضى، صفحة 75-76. بتصرّف.
  4. "طهارة وصلاة من به سلس البول"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/4/2023. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:1117، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 259-260، جزء 27. بتصرّف.
  7. لجنة الإفتاء، "حكم الجمع بين الصلاتين لعذر المرض"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/4/2023. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:705، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية:185
  10. سورة المائدة، آية:6