يُقصد بطلوع الفجر؛ الوقت الذي يبدأ بظهور بياضٍ يعترض أفق السماء، ولا يعقبه أو يتبعه ظلمةٌ، ويستمرّ حتى طلوع الشمس؛ أي أن نهاية وقت الفجر يكون بمجرد بدء شروق الشمس وطلوعها؛[١] وذلك لما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّه قال: (ووَقْتُ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ)،[٢] ويرتبط بوقت طلوع الفجر جملةٌ من المسائل، وتتعلّق به أحكامٌ عدَّةٌ متّصلةٌ بالعبادات، وفيما يأتي بيانٌ لها.
الأحكام المتعلّقة بطلوع الفجر
أحكام الصلاة المتعلِّقة بطلوع الفجر
يتعلّق بوقت طلوع الفجر جملةٌ من أحكام صلاتي العشاء والوتر والفجر، وتوضيح ذلك آتيًا:[٣]
- ينتهي وقت صلاة العشاء بطلوع الفجر: بيّن العلماء أنّ أوّل وقت صلاة العشاء يكون بغياب الشفق الأحمر، ويستمر إلى طلوع الفجر، والوقت في آخر الليل إلى طلوع الفجر يسمّيه العلماء وقت ضرورةٍ بالنسبة لصلاة العشاء؛ أي أنّه آخر وقتٍ للقيام بها أداءً في وقتها؛ فإذا طلع الفجر انتهى وقت أداء العشاء، وتُصلّى عندها قضاءً، فطلوع الفجر هو آخر وقتٍ لأداء العشاء؛ فإذا طلع الفجر انتهى وقت أدائها.
- ينتهي وقت الوتر بطلوع الفجر: إنّ وقت صلاة الوتر عند جمهور العلماء يبدأ من بعد أداء صلاة العشاء إلى طلوع الفجر؛ فللمسلم أن يُصلي الوتر بعد دخول وقت العشاء وأدائه لفرض العشاء، وله أن يُؤخرها إلى آخر الليل، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بَادِرُوا الصُّبْحَ بالوِتْرِ)؛[٤] فقد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يؤخّر الوتر إلى ما بعد إنهائه لقيام الليل؛ فيصليها قبل طلوع الفجر؛[٥] أي أنّ وقت صلاة الوتر ينتهي بطلوع الفجر.
- دخول وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر: فإنّ وقت صلاة الفجر أو الصبح يبدأ بطلوع الفجر ويستمرّ إلى طلوع الشمس، وبمجرد طلوع الفجر يمكن للمسلم الشروع بأداء ركعتي سنّة الفجر قبل ركعتي فرض الفجر؛ فهما من آكد السنن وأعظمهما فضلًا، ولم يكن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يفوّتهما.
- بدء أوّل وقت النهي عن صلاة التطوّع: إنّ من الأوقات ما نصت الشريعة على النهي عن التطوع في الصلاة فيها، ومن هذه الأوقات المنهي عن التطوع عن الصلاة فيها: من بعد طلوع الفجر ويستمر النهي إلى طلوع الشمس وارتفاعها في السماء قدر رمحٍ، فأوّل وقت النهي عن صلاة التطوع هو طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر يمتنع المسلم عن التطوع في الصلاة إلّا صلاةً ذات سببٍ؛ كصلاة تحية المسجد أو قضاء فريضةٍ.[٦]
انتهاء وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا
ينزل الله -تبارك وتعالى- كما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وعظمته، في الثلث الأخير من الليل؛ ليستجيب دعاء الداعين، ويغفر للمستغفرين، كما جاء في الحديث: (يَنْزِلُ رَبُّنا -تَبارَكَ وتَعالَى- كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟)،[٧] فيكون نزول الله -تعالى- في الثلث الأخير من الليل، وورد في رواية ابن ماجه أنّه -سبحانه وتعالى- يبقى حتى طلوع الفجر، كما في روايته: (...من يَدعوني فأستجيبَ لَهُ من يَستغفِرُني فأغفِرَ لَهُ حتَّى يطلُعَ الفَجرُ).[٨][٦]
وقت الإمساك في الصيام
بيّن العلماء أنّ وقت إمساك وامتناع الصائم عن الطعام والشراب وسائر المفطرات يبدأ من طلوع الفجر؛ فإذا طلع الفجر الصادق الذي يُعرف اليوم بنداء المؤذّن لأذان الفجر؛ بدأ وقت الصوم؛ فيكون طلوع الفجر هو وقت الإمساك، الذي يحرم بحلوله على الصائم أن يقوم بأيّ أمرٍ من الأمور التي تفسد صيامه.[٩]
مواضيع أُخرى:
المراجع
- ↑ بدر الدين العيني، البناية شرح الهداية، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:612، حديث صحيح.
- ↑ ناصر بن مشري الغامدي، أحكام العبادات المترتبة على طلوع الفجر الثاني، صفحة 36-46. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:750، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب ناصر بن مشري الغامدي، أحكام العبادات المترتبة على طلوع الفجر الثاني، صفحة 48-61. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1145، حديث صحيح.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1366، صححه الألباني.
- ↑ حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 72. بتصرّف.