العطر والطيب في الإسلام
عُرف النبيّ -عليه الصلاة والسلام- برائحته الطيّبة، من العنبر، والمسك، فجمع -عليه السلام- بين جمال الخَلق والخُلق، وفي ذلك قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (ما شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ، وَلَا مِسْكًا، وَلَا شيئًا أَطْيَبَ مِن رِيحِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)،[١] فالطيب والعُطر من السنن النبوية الثابتة عن النبيّ -عليه السلام-، وذلك فيما كان معروفاً زمانه، أمّا العطور المعروفة في الزمن الحاضر فقد بيّن العلماء ما يتعلّق بها من أحكامٍ ومسائل، وفي المقال الآتي بيان حكم استعمالها في الصلاة.[٢]
هل العطر يُبطل الصلاة؟
يختلف حكم أداء المسلم للصلاة متعطّراً باختلاف العطر أو الطيب إن كان مخلوطاً بالكحول أو لا، وتفصيل ذلك آتياً:
- تجوز صلاة مَن وضع عطراً غير مشتملٍ على أي مادةٍ كحوليةٍ، إذ إنّه طاهرٌ، فلا ينقض الوضوء ولا يُبطل الصلاة.[٣]
- يختلف حكم صلاة مَن وضع عطراً مشتملاً على موادٍ كحوليةٍ باختلاف حقيقة تلك المواد، وحكم استعمالها، ولذلك فالحكم على الصلاة بالعطر الممزوج بالكحول قائمٌ على عدّة أصولٍ وقواعد بيانها آتياً:[٤]
- اختلف العلماء في حكم صلاة مَن استعمل العطور المشتملة على مواد كحوليةٍ، فقال بعض العلماء كابن عثيمين بجواز استعمال العُطور المشتملة على كحولٍ، وعدم تأثير تلك العطور على صحّة الصلاة، إذ قال في ذلك: (الأصل في الأشياء الطهارة حتى يوجد دليلٌ بيِّنٌ يدلّ على النجاسة، وحيث لم يوجد دليل بيِّنٌ يدلّ على النجاسة: فإنّ الأصل أنّه طاهرٌ، لكنّه خبيثٌ من الناحية العملية المعنوية ولا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً، ألا ترى أن السمَّ حرام وليس بنجسٍ، فكلّ نجسٍ حرامٌ وليس كلّ حرامٍ نجساً، وبناءً على ذلك نقول في الكولونيا وشبهها: إنّها ليست بنجسةٍ؛ لأنّ الخمر ذاته ليس بنجسٍ على هذا القول الذي ذكرناه أدلته، فتكون الكولونيا وشبهها ليست بنجسةٍ أيضاً، وإذا لم تكن نجسةً: فإنّه لا يجب تطهير الثياب منها)،[٥] ورغم ذلك فقد صرّح ابن عثيمين بأنّ الأولى والأحوط اجتناب استعمال تلك العطور، إذ قال: (ولكن لا شكّ أنّ الاحتياط والورع تجنب استعماله لعموم قوله: فاجتنبوه)،[٦] وقال كلٌّ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إنّ الكحول الموجود في العطور من المواد المُسكرة؛ أي التي تُذهب وتُزيل العقل، من جنس الخمر المحكوم على نجاسته، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٧] فاستدلّوا على نجاسة الخمر بوصفها أنّها رجسٌ، فالرِجس هو النَجِس، وبناءً على قولهم فلا يجوز استعمال العُطور المشتملة على كحولٍ، وإن أُضيف إلى تلك الكحول ما يُمنع من شُربها.[٨][٤]
- تجوز الصلاة بالعطور المشتملة على كحولٍ إن حُكم على تلك الكحول بعدم نجاستها، وذلك يكون بعد تصنيعها وتحوّلها إلى مادةٍ غير مُسكرةٍ، كما أنّ ملامستها لا تُنقض الوضوء ولا تُبطله.[٤]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2330، صحيح.
- ↑ "الطِيب والعِطر سُنّة نبوية"، إسلام ويب، 16/9/2015، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "العطر الخالي من الكحول لا حرج فيه"، إسلام ويب، 25/8/2001، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "حكم استعمال العطور التي فيها كحول"، إسلام ويب، 31/12/2000، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (5/4/2011)، "ما حكم الصلاة بالثياب المعطرة بعطور كحولية ؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "حكم صلاة من وضع عطرا يحتوي على كحول"، إسلام ويب، 25/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:90
- ↑ "الخمر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2021. بتصرّف.