فضل الجلوس بعد الصلاة

تترتّب العديد من الفضائل على الجوس بعد الصلاة؛ فقد ثبت في الصحيح أنّ الملائكة تستغفر للجالس في مصلّاه بعد أدائه للصلاة، فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "المَلَائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دَامَ في مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فِيهِ، ما لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ"،[١] مع الإشارة إلى أنّ ذلك الفضل يناله مَن لم يؤذِ أحداً، سواءً بلسانه أو يده، بل انشغل بعبادة الله والأعمال الصالحة.[٢]


النوم بعد صلاة الفجر

يُباح النوم بعد صلاة الفجر، فلم يرد أي نصٍّ يمنع منه أو ينهى عنه، ولذلك فالحكم على أصله بإباحة النوم، إلّا أنّ النوم بعد الفجر من الأمور المخالفة لهَدْي النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد ثبت أنّه كان يجلس مع الصحابة -رضي الله عنهم- إلى طلوع الشمس، ومن الأدلّة الواردة في ذلك:[٣]

  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنّ جابر بن سُمرة -رضي الله عنه- سُئل: "أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، كانَ لا يَقُومُ مِن مُصَلَّاهُ الذي يُصَلِّي فيه الصُّبْحَ، أَوِ الغَدَاةَ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ في أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ".[٤]
  • قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "بُورِكَ لأُمَّتِي في بُكورِها"،[٥] ولذلك كان -عليه الصلاة والسلام- يبعث السرايا والجيوش أوّل النهار.


وللأدلة سابقة الذِّكر قال بعض السلف بكراهة النوم بعد صلاة الفجر، ومنهم: عُروة والزبير، وقال ابن القيّم -رحم الله- موضّحاً ذلك: "ومِن المكروه عندهم -أي السلفُ رحمهم الله- النَّومُ بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؛ فإنَّه وقتُ غنيمَة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزيَّةٌ عظيمةٌ، حتى لو ساروا طول ليلِهم لَم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمسُ، فإنَّه أوَّلُ النهار ومفتاحُه، ووقتُ نزول الأرزاق، وحصولِ القَسْم، وحلول البركة، ومنه ينشأ النهار، وينسحبُ حكمُ جميعه على حكم تلك الحصَّة، فينبغي أن يكون نومُها كنوم المضطر"، وجمعاً بين الأدلة والأقوال فالأولى للمسلم عدم النوم بعد صلاة الفجر، والانشغال بالأعمال الصالحة والعبادات، إلّا إن نام ليتقوّى على العمل، وخاصةً إن عَمِل طوال النهار.[٣][٦]


عباداتٌ تؤدّى بعد صلاة الفجر

تتنوّع العبادات والطاعات التي يُمكن الإتيان بها بعد صلاة الفجر، فيما يأتي بيان البعض منها:[٧]

  • ترديد أذكار ما بعد الصلاة؛ إذ تترتّب العديد من الفضائل على ذكر الله بعد الصلاة؛ منها: تحقيق الاطمئنان والسكينة في القلب والنفس، ونيل أجر الاقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ونيل الأجور الظيمة والحسنات المضاعفة، قال الله -تعالى-: "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ".[٨][٩]
  • ترديد أذكار الصباح.
  • الاجتهاد في ترديد الأذكار المنوعة، وقراءة القرآن.
  • صلاة ركعَتَين بعد طلوع الشمس.


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:445، صحيح.
  2. "هل يؤجر على الجلوس في المسجد بعد الصلاة دون ذكر أو انتظار صلاة؟"، طريق الإسلام، 30/6/2016، اطّلع عليه بتاريخ 9/2/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد صالح المنجد (23/11/2000)، "حكم النوم بعد الفجر وبعد العصر"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 9/2/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم:670، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2841، صحيح.
  6. عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر، فقه الأدعية والأذكار، صفحة 47. بتصرّف.
  7. "ما يفعله المسلم من أذان الفجر إلى شروق الشمس"، إسلام ويب، 22/5/2002، اطّلع عليه بتاريخ 9/2/2021. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية:103
  9. اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة (7/9/2018)، "الذكر بعد الصلوات"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/2/2021. بتصرّف.