حكم الصلاة على الأرض بدون سجادة

الصلاة على الأرض ليستْ جائزة فحسب؛ بل إنّ بعض أهل العلم ذهبوا إلى كونها أفضل في حال كانت الأرض طاهرة ومستوية بحيث يتمكّن المصلي من أداء سجوده بالشكل الصحيح، يقول القاضي عياض: "الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ أَفْضَلُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَجَاسَةٍ، وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ كَالْحَصِيرِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ".[١]


وهذا مذهب المالكية،[٢] ويوضّح ابن الحاج المالكي وجه الأفضلية بكون وقوف العبد بين يدي ربّه -سبحانه- موضع تواضع وخشوع وخضوع؛ فيكون السّجود على الأرض أعلى المراتب، ويليها الحصير وما كان من جنس الأرض.[٣]


ولا خلاف بين أهل العلم على مشروعية الصلاة على الأرض؛ فقد صحّ عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (... وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا)،[٤] ولم يؤثر أنّ النبي الكريم كان يخصّص سجادة لصلاته، بل كان يصلي على الأرض وعلى ما تيسّر من الحصير والبُسط،[٥] والعبرة بطهارة المكان؛ فجمهور أهل العلم على أنّ طهارة المكان شرط لصحة الصلاة.[٦]


حكم الصلاة على السجادة

الصلاة على السّجادة جائزة من حيث الأصل؛ ففي الصحيح عن ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- قولها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (وهي سَجَّادةٌ صغيرةٌ من خُوصٍ، سُمِّيتْ بذلك؛ لسَترِها الوجهَ والكفَّينِ مِن حَرِّ الأرض وبَرْدِها)،[٧] ولا تعارض بين هذا الحديث وما سبق الإشارة إليه من صلاة النبي الكريم على الأرض؛ فقد كان يصلي على الأرض وعلى ما تيسّر من الحصير والبُسط.


ولكنّ الصلاة على السّجادة قد يعتريها حكم النّهي لأسباب عدة، ويمكن إجمالها فيما يأتي:[٨]

  • إذا كان في السجادة صورٌ ذات أرواح.
  • إذا كانت السجادة تحتوي على نقوش وزخارف؛ فتشغل المصلي عن صلاته.
  • إذا كان المرء يصلي على السجادة من باب التّرفع عن السّجود على الأرض؛ فهذا منافٍ للتواضع، ومخالف لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • إذا كان يصلي على السّجادة من باب الاعتقاد أنّ يجب تخصيص سجادة للصلاة.


ورغم ذلك فالمسلم إذا كان يفعل ذلك من باب التّحوط لطهارة المكان -من غير وسوسة- فلا حرج؛ خاصة في المواطن التي لا يؤمن وجود النجاسة فيها.


الأماكن التي ينهى عن الصلاة فيها

ذكر أهل العلم على تفصيل بين آرائهم مواضع عدّة يحرم أو يكره الصلاة فيها، ولا يشترط أنْ تكون علّة النّهي متعلّقة بنجاسة المكان، ويمكن إجمال هذه المواضع بما يأتي:[٩]

  • الصلاة في مَبارِك الإبل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلُّوا في مَرابِضِ الغنَمِ، ولا تُصَلُّوا في أعْطانِ الإبلِ).[١٠]
  • الصلاة بين القبور؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... ألَا فلا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أنْهَاكُمْ عن ذلكَ).[١١]
  • الصلاة في طريق الناس، لما لا يخفى من تشتيت ذهن المصلي عن الخشوع في صلاته، ولاحتمال وقوع شيء من النجاسة فيها.
  • الصلاة في الأمكان الخاصة بعبادة غير المسلمين، لما فيها من شرك وتعظيم لغير الله.
  • الصلاة في أمكان اللهو ومأوى الشياطين.

المراجع

  1. الملا علي القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة 1)، بيروت:دار الفكر، صفحة 638، جزء 2.
  2. الملا علي القاري (1985)، شرح مسند أبي حنيفة (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 319، جزء 1. بتصرّف.
  3. ابن الحاج، المدخل لابن الحاج، صفحة 211، جزء 2. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:335 ، صحيح.
  5. ابن القيم، إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان، الرياض:مكتبة المعارف، صفحة 126، جزء 1. بتصرّف.
  6. فريق الموقع، "الطَّهارَةُ مِن النَّجَسِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2023. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ميمونة بنت الحارث، الصفحة أو الرقم:333، صحيح.
  8. فريق الموقع (3/10/2002)، "الصلاة على السجادة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2023. بتصرّف.
  9. فريق الموقع، "المواضِعُ التي يُنْهَى عن الصَّلاةِ فيها"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2023. بتصرّف.
  10. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:348 ، حسن صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:532 ، صحيح.