الأصل في العبادات

العبادات التي يتقرّب بها المسلم من ربّه من الأمور المحدّدة والمبيّنة والثابتة والباقية التي لا يُمكن تغييرها وتبديلها بحالٍ من الأحوال، كما لا يُمكن الزيادة عليها، أو النقصان منها، فالله -تعالى- أمر عباده بطاعته وعبادته كما أمرهم وكلّفهم وبيّن لهم سواءً في نصوص القرآن الكريم أم السنة النبوية.[١]


حكم صلاة الرغائب

لا تصحّ صلاة الرغائب التي تؤدّى في شهر رجب في ليلة الجمعة الأولى منه، بين صلاتي المغرب والعشاء، ويسبقها صيام يوم الخميس الأول من شهر رجب، فهي من العبادات والصلوات التي لا تصحّ، ومن الأمور المُحدثة المُبتدعة في الدِّين الإسلامي، إذ إنّها أُحدثت أول مرةٍ في بيت المقدس، بعد الهجرة بأربعمئةٍ وثمانين سنةً، ولم يصلّيها أي أحدٍ قبل ذلك، أي أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يؤدها، ولا الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا التابعين، ولا السلف الصالح، إذ إنّهم كانوا أحرص الناس على الخير والعبادة، ولو أنّ في صلاة الرغائب خيراً لسبقوا إليها، فهي من الكذب على الرسول -عليه الصلاة والسلام-.[٢]


وقد وردت عدّة أقوالٍ للعلماء في بيان حكم صلاة الرغائب، يُذكر منها:

  • قال العزّ بن عبد السلام -رحمه الله-: "وممّا يدلّ على ابتداع هذه الصلاة أنّ العلماء الذين هم أعلام الدين، وأئمة المسلمين من الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، وغيرهم ممّن دوّن لكتبٍ في الشريعة، مع شدّة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن، لم يُنقل عن أحدٍ منهم أنّه ذكر هذه الصلاة، ولا دوّنها في كتابه، ولا تعرّض لها في مجالسه، والعادة تُحيل أن تكون مثل هذه سنة وتغيب عن هؤلاء الذين هم أعلام الدِّين، وقدوة المؤمنين، وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسُنَن والحلال والحرام".[٢]
  • قال الإمام النوويّ في المجموع: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة تصلّى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مئة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يُغترّ بذكرهما في كتاب قوت القلوب، وإحياء علوم الدِّين، ولا بالحديث المذكور فيهما فإنّ كلّ ذلك باطلٌ، ولا يُغترّ ببعض مَن اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنّف ورقاتٍ في استحبابهما فإنّه غالطٌ في ذلك"، وقال أيضاً: "إنّها بدعةٌ منكرةٌ من البِدع التي هي ضلالةٌ وجهالةٌ وفيها منكراتٌ ظاهرةٌ، وقد صنّف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصلّيها ومبتدعيها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها أكثر من أن تُحصر".[٣]
  • قال ابن عابدين الحنفيّ: "كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب في أولى جمعة منه وأنّها بدعةٌ".[٣]
  • قال ابن حجر الهيثمي: "أمّا صلاة الرغائب فإنّها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوعٌ فيُكره فعلهما فرادى وجماعةً".[٣]
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فأمّا إنشاء صلاةٍ بعددٍ مقدرٍ وقراءةٍ مقدرةٍ في وقتٍ معينٍ تُصلى جماعةً راتبةً كهذه الصلوات المسؤول عنها: كصلاة الرغائب في أول جمعةٍ من رجب، والألفية في أول رجب، ونصف شعبان، وليلة سبع وعشرين من شهر رجب، وأمثال ذلك فهذا غير مشروعٍ باتفاق أئمة الإسلام، كما نصّ على ذلك العلماء المعتبرون ولا يُنشئ مثل هذا إلّا جاهلٌ مبتدعٌ، وفتح مثل هذا الباب يُوجب تغيير شرائع الإسلام، وأخذ نصيبٍ من حال الذين شرعوا من الدِّين ما لم يأذن به الله".[٣]


المراجع

  1. نور الدين الخادمي، علم المقاصد الشرعية، صفحة 166. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبدالله التويجري، البدع الحولية، صفحة 245-240. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث محمد صالح المنجد (23/8/2005)، "بدعة صلاة الرغائب"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.