تُعَدّ سُنّة الفجر إحدى السُّنَن الرواتب المُؤكّدة التي واظب النبيّ –عليه الصلاة والسلام- على أدائها، وهي تُسمّى أيضاً براتبة الفجر، أو ركعتَين قبل الفجر أو الصبح، وفيما يأتي بيان ما يتعلّق بها تفصيلاً.[١]


فضل سنة الفجر

تعدّ سنة الفجر من آكد وأهم السنن الرواتب الواردة عن النبيّ –عليه الصلاة والسلام- -كما تقدَّم-، وقد دلّت على ذلك العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة، منها: ما اخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قال: "رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا"،[٢] ويُراد بركعتَي الفجر: سُنّة الفجر.[٣]


حُكم سُنّة الفجر

يُسَنّ أداء سنّة الفجر قبل فرضه، وهي آكد السنن الرواتب؛ يدلّ على ذلك شدّة حرص النبيّ –عليه الصلاة والسلام- على أدائها، فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- أنّها قالت: "لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ"،[٤] وكان –عليه الصلاة والسلام- حريصاً على أدائها في الحضر والسفر.[٥]


عدد ركعات سنة الفجر

تُؤدّى سُنّة الفجر ركعتَين.[٦]


وقت سنة الفجر

تُؤدّى ركعتا سُنّة الفجر بين أذان الفجر وإقامة الصلاة؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أمّ المؤمنين حفصة –رضي الله عنها- أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام-: "كانَ إذَا سكَتَ المُؤَذِّنُ مِنَ الأذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَدَا الصُّبْحُ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ".[٧][٥]


كيفية أداء سُنّة الفجر

تُؤدّى سُنّة الفجر ركعتَين بسلامٍ واحدٍ؛ أي بالجلوس بعد الركعة الثانية للتشهُّد والصلاة على النبيّ –عليه الصلاة والسلام-.[٨]


ما يُقرأ في سُنّة الفجر

تتعدّد السور والآيات التي يُمكن للمصلّي الإتيان بها في سُنّة الفجر، ومنها:[٩]

  • قراءة سورتَي الكافرون والإخلاص.
  • قراءة قول الله -تعالى-: "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"،[١٠] في الركعة الأولى، وقراءة قوله -تعالى-: "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"،[١١] في الركعة الثانية، كما يمكن قراءة قوله -تعالى-: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".[١٢]


تخفيف سُنّة الفجر

يُسَنّ التخفيف في سُنّة الفجر، وعدم الإطالة فيها؛ لِما ثبت في الصحيح عن أمّ المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام-: "كانَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حتَّى إنِّي لَأَقُولُ: هل قرأ بأمّ الكتاب؟".[١٣][٥]


قضاء سُنّة الفجر

تُقضى سُنّة الفجر بعد ركعتَي فرض الفجر أو بعد ارتفاع الشمس؛[٥]أي بعد طلوع الشمس بربع ساعةٍ تقريباً.[١٤]


الاضطجاع بعد سُنّة الفجر

يُسَنّ الاضطجاع بعد أداء سُنّة الفجر؛ لِما ثبت في صحيح البخاريّ عن أمّ المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أنّها قالت:

"كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا سَكَتَ المُؤَذِّنُ بالأُولَى مِن صَلاةِ الفَجْرِ قامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، بَعْدَ أنْ يَسْتَبِينَ الفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، حتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلْإِقامَةِ"،[١٥][٥] ويُراد بالاضطجاع: الاستلقاء.[١٦]


أحكامٌ مُتعلّقةٌ بسُنّة الفجر

جمع النيّة بين سُنّة الفجر وتحيّة المسجد

يجوز الجَمع في النيّة بين أداء ركعتَي سُنّة الفجر وركعتَي تحيّة المسجد؛ أي أداء ركعتَين فقط مع عقد النيّة بأن تكونا عن سُنّة الفجر وتحيّة المسجد معاً؛ وذلك من باب التداخل بين العبادات؛ فالتطوّع بسُنّة الفجر يدخل في التطوُّع بسبب دخول المسجد، وذلك إن كان أداء سُنّة الفجر في المسجد.[١٧]


أداء سُنّة الفجر في البيت قبل الذهاب إلى المسجد

يُفضّل أداء سُنّة الفجر في البيت قبل الذهاب إلى المسجد؛ فأداؤها في البيت أفضل من أدائها في المسجد، حتى وإن كان هذا المسجد هو المسجد الحرام؛ لفِعل النبيّ –عليه الصلاة والسلام- كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت –رضي الله عنه- من أنّ النبيّ –عليه الصلاة والسلام- قال:"أفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ في بَيْتِهِ إلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ"،[١٨] وتجدر الإشارة إلى أنّ أداءها في المسجد يُفضَّل على أدائها في البيت؛ إن خَشيَ المُصلّي من نسيانها، أو خاف من عدم الخشوع في البيت.[١٩]


المراجع

  1. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 590. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:725، صحيح.
  3. يوسف بن موسى بن محمد، أبو المحاسن جمال الدين المَلَطي الحنفي، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار، صفحة 64. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1169، صحيح.
  5. ^ أ ب ت ث ج سعيد بن وهف القحطاني، صلاة التطوع، صفحة 31-35. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1057. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:723، صحيح.
  8. ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 289. بتصرّف.
  9. موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 497. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:136
  11. سورة آل عمران، آية:52
  12. سورة آل عمران، آية:64
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1171، صحيح.
  14. "أوقات النهي عن الصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، 29/12/2003، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2020. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:626، صحيح.
  16. "تعريف ومعنى اضطجاع في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-30. بتصرّف.
  17. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 119. بتصرّف.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:7290، صحيح.
  19. ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 354-355. بتصرّف.