سنة الفجر

السنة في اللغة هي: الطريقة والسيرة، وفي الاصطلاح الشرعيّ فهي تُطلق على: ما فعله النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأظهره وداوم عليه ولم يدلّ دليلٌ على وجوبه،[١] وسُنّة الفجر إحدى السنن التي أظهرها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وداوم عليها، بل هي من السنن المؤكّدة التي واظب عليها دائماً،[٢] ويُطلق عليها أيضاً راتبة الفجر أو ركعتان ما قبل الفجر أو الصبح،[٣] وفي المقال بيانٌ لِما يتعلّق بكيفيّة قضائها إن فاتت على المسلم.


كيفية قضاء سنة الفجر

يُعرّف القضاء بشكلٍ عامٍ بأنّه: أداءُ الواجب بعد انتهاء وقته، وقضاء الصلاة تأديتها بعد خروج وقتها،[٤] فإذا فات على المسلم أداء سنة الفجر في وقتها، فقضاؤها بعد الفريضة حين طلوع الشمس محلّ خلافٍ بين العلماء فيما يأتي بيانه وتفصيله:[٥][٦]


جواز قضاء سنة الفجر بعد الفريضة

قال الإمام الشافعي بجواز قضاء سُنّة الفجر بعد الفريضة، وإن كان وقت طلوع الشمس، فالمسلم يقضيها بعد ركعتَي فرض الفجر بذات الصفة التي يؤدّيها فيها عادةً؛ أيّ يَقضيها كما لو أدَّاها في وقتها، وهو القول الذي اختاره أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلّ بعدّة أدلةٍ يُذكر منها:[٥][٦]

  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذلكَ).[٧]
  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّ أم سلمة أمّ المؤمنين قالت: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَى عنْهمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أَمَّا حِينَ صَلَّاهُما فإنَّه صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِندِي نِسْوَةٌ مِن بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأنْصَارِ فَصَلَّاهُمَا، فأرْسَلْتُ إلَيْهِ الجَارِيَةَ، فَقُلتُ: قُومِي بجَنْبِهِ فَقُولِي له تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أَسْمَعُكَ تَنْهَى عن هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فإنْ أَشَارَ بيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عنْه، قالَ: فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فأشَارَ بيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عنْه، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قالَ: يا بنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، إنَّه أَتَانِي نَاسٌ مِن عبدِ القَيْسِ بالإِسْلَامِ مِن قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُما هَاتَانِ)،[٨] فالحديث يدلّ على جواز قضاء النافلة في أيّ وقتٍ، فالنبيّ -عليه الصلاة والسلام- قضى سنة الظهر بعد صلاة العصر دون أيّ حرجٍ.
  • ورد عن قيس بن عمر -رضي الله عنه- قال: (رآني النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا أُصلِّي رَكْعتَينِ بعد الصُّبْحِ، فقال: ما هاتانِ الرَّكْعتانِ يا قَيْسُ؟ فقلتُ: إنِّي لم أكُنْ صلَّيتُ رَكْعَتَيِ الفجرِ، فسكَتَ عنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[٩] وسكوت النبيّ -صلّى الله عليه وسلمّ- يدلّ على الجواز.[١٠]


عدم جواز قضاء سنة الفجر بعد الفريضة

قال الحنابلة والإمام أبو حنيفة ومالك بعدم جواز قضاء سُنّة الفجر بعد صلاة الفرض، فيتنظر المسلم لقضاء سنّة الفجر حتى يحين وقت صلاة الضحى، فيَقضيها كما لو أدَّاها في وقتها، واستدلّوا على ذلك بعدّة أدلةٍ يُذكر منها:[٥][٦]

  • أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصبحِ حتَّى تشرقَ الشَّمسُ، وبعدَ العصْر حتى تَغرُبَ)،[١١] فالحديث يدلّ بعمومه على النهي عن الصلاة بعد فريضة الفجر.
  • إنّ النهي عن الصلاة بعد فريضة الفجر للتحريم، والأمر لقضاء ما فات من السنن للندب، وترك المحرّم أولى من فعل المندوب.
  • إنّ سنة الفجر نافلةٌ تسقط إن انتهى وقتها كصلاة الخسوف والكسوف.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 101.
  2. "معنى السنن المؤكدة والسنن غير المؤكدة"، اسلام ويب، 5-9-2013، اطّلع عليه بتاريخ 4-11-2021. بتصرّف.
  3. محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 590. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتة، صفحة 24. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت عيد بن سمر الحجيلي، تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام، صفحة 251. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "حكم قضاء السنن الرواتب"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 9-11-2021. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:684، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أم سلمة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:7895، صحيح.
  9. رواه شعيب الأرناووط ، في تخريج شرح السنة، عن قيس بن قهد الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3/334، للحديث طرق وشواهد يرقى بها إلى الصحة.
  10. ابن قدامة، المغني، صفحة 89. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:581، صحيح.