سنة الفجر آكد السنن الرواتب باتّفاق العلماء من الحنفيّة والمالكيّة والشافعية والحنابلة، وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حريصاً على أدائها، وحثّ عليها ورغّب بها، وبيّن فضلها العظيم وثوابها الجزيل، قال -عليه الصلاة والسلام-: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا)،[١] فثواب وأجر ركعتي الفجر خَيرٌ من كلّ ما يُتنعَّمُ به.[٢]


الحكمة من تخفيف سنة الفجر

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يخفّف من ركعتي سنّة الفجر ولا يُطيل بالقراءة فيهما، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حتَّى إنِّي لَأَقُولُ: هلْ قَرَأَ بأُمِّ الكِتَابِ؟)،[٣] وقد خُفّف في سنّة الفجر لبعض الحِكم، منها:[٤]

  • للمبادرة والحرص على أداء صلاة الفجر أوّل وقتها وقد جزم بذلك الإمام القُرطبي -رحمه الله-.
  • ليُستفتحَ الفجر بصلاة هاتين الركعتين الخفيفتين كما يفعلُ في قيام الليل، فيكونَ المسلم في نشاطه ويستعدّ استعداداً تامّاً لأداء فريضة الفجر وقد قال بذلك الحافظ العراقي في شرحه على سُنن الترمذي.


حكم التخفيف في سنة الفجر

قال كلٌّ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة باستحباب التخفيف في سنّة الفجر، وهو أيضاً قول حذبفة بن اليمان وابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن البصري ومحمد بن سيرين وابن المنذر وابن خزيمة وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيّم، استدلالاً بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يخفّف في راتبة الفجر، وقد أمر بالاقتداء به ومتابعته في أداء الصلاة، إذ قال: (صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)،[٥] وثد ثبت في كثيرٍ من الأحاديث النبوية أنّ النبيّ -عليه السلام- كان يخفّف في راتبة الفجر، ويُذكر من تلك الأحاديث:[٦]

  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حتَّى إنِّي لَأَقُولُ: هلْ قَرَأَ بأُمِّ الكِتَابِ؟).[٣]
  • أخرج الإمام البخاري عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فإذا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، حتَّى يَجِيءَ المُؤَذِّنُ فيُؤْذِنَهُ).[٧]
  • ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في حديث قيام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لليل: (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حتَّى أتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ).[٨]
  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين حفصة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا طَلَعَ الفَجْرُ، لا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).[٩]
  • أخرج البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِما القِرَاءَةَ، فَقالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، ويُوتِرُ برَكْعَةٍ، ويُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الغَدَاةِ، وكَأنَّ الأذَانَ بأُذُنَيْهِ قالَ حَمَّادٌ: أيْ سُرْعَةً)،[١٠] أيّ أنّ النبيّ -عليه السلام- كان يُخفّف في راتبة الفجر كأنّه سَمِع إقامة الصلاة.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:725، صحيح.
  2. الدرر السنية، "المطلب الأوَّل: سُنَّةُ الفَجرِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 6/11/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1171، صحيح.
  4. عبد الرحمن المباركفوري، كتاب تحفة الأحوذي، صفحة 390. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:6008، صحيح.
  6. الشيخ أحمد الزومان (29/10/2017)، "تخفيف راتبة الفجر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26/12/2021. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6310، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:183، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حفصة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:723، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:995، صحيح.