الفرق بين الفجر والصبح

الفجر والصبح مصطلحان لمعنى واحد؛ فالفجر في لغة العرب هو النّور أو البياض المعترض الذي يظهر ويمتد تباعاً في الأفق وينتشر، ويكون بعده النهار، وهو ما يسمّى "الفجر الصادق" وبه يبدأ وقت صلاة الفجر،[١] والصّبح في لغة العرب هو البياض الذي يظهر في الأفق أوّل النهار ثم يمتدّ عريضًا فيه، وعليه فالفجر هو الصّبح، ونقول: انبلج الصبح، أيّ: ظهر أوّل نور الصّباح.[٢]


وبناءً على ما سبق تكون صلاة الفجر هي ذاتها صلاة الصّبح، وليس هناك صلاة مخصوصة لكلٍّ منهما؛ فهما اسمان لصلاة واحدة، وهي ركعتان فريضة بإجماع ملّة المسلمين، وتكون بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس.[٣]


ومن الأدلة التي تؤكّد على أنّ صلاة الصبح هي ذاتها صلاة الفجر ما جاء في الحديث عن أبي محذورة الجمحي -رضي الله عنه- عندما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنْ يعلّمه سنّة الأذان؛ فعلّمه، وكان من ضمن ما قاله له: (... فإنْ كانت صلاةُ الصُّبحِ قُلْتَ: الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّومِ، الصَّلاةُ خيرٌ مِن النَّومِ، اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ).[٤]


ومن الشّواهد -كذلك- الحديث الذي بيّن فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- مواقيت الصلاوات الخمس المفروضة؛ فذكر وقت صلاة الفجر بلفظ الصبح؛ فقد صحّ في الحديث عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: (... ووَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فأمْسِكْ عَنِ الصَّلاةِ، فإنَّها تَطْلُعْ بيْنَ قَرْنَيْ شيطانٍ).[٥]


وقت صلاة الفجر

يمتدّ وقت صلاة الفجر -الصّبح- من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشّمس، فإذا صلّاها المسلم في هذا الوقت؛ فقد صلّاها في وقتها، أمّا إنْ صلّاها قبل طلوع الفجر الصادق -المشار إلى معناه سابقاً- فلا تقبل صلاته، ويلزمه إعادتها؛ وذلك لقوله -سبحانه-: (... إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).[٦] وإذا أخّرها إلى ما بعد طلوع الشّمس عمداً دون عذر شرعي؛ فإنّه يأثم ويلزمه إعادتها.


ووقت الأفضلية أنْ يصليها في أوّل وقتها قبل ظهور ضوء النّهار، وهو وقت الغَلَس، ويعني في لغة العرب: ظلمة آخر الليل وأوّل الفجر، وكان هذا هديُ النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي الصحيح عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بغَلَسٍ، فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ المُؤْمِنِينَ لا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ - أوْ لا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا -).[٧]


أسماء صلاة الفجر

سُمّيت صلاة الفجر بصلاة الصبح -كما سبق بيانه-، نسبة إلى الوقت الذي تُصلّى فيه، وثبت الإشارة لها وصلاة العصر باسم البردين، وذلك في الحديث الصحيح الذي رواه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ)،[٨] وسمّيتا بذلك؛ لأنّهما يُصليان في بردي النّهار أيّ: طرفيه، وفي هذين الوقتين يطيب الهواء وتذهب شدّة الحرّ.[٩] ولصلاة الفجر أسماء أخرى لم يجرِ عليها إجماع أهل العلم، حيث تعدّدت فيها آراؤهم تبعاً لاختلاف الفهم للنّصوص التي ورد الإشارة لما يحتمل الدلالة إليها.

المراجع

  1. "تعريف ومعنى الفجر في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2023. بتصرّف.
  2. "تعريف ومعنى الصبح في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2023. بتصرّف.
  3. "الفرق بين صلاة الفجر وصلاة الصبح"، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2023. بتصرّف.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو محذورة، الصفحة أو الرقم:1682 ، أخرجه في صحيحه.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:612 ، صحيح.
  6. سورة النساء، آية:103
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:873 ، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:574 ، صحيح.
  9. جلال الدين السيوطي (1996)، شرح السيوطي على مسلم (الطبعة 1)، السعودية:دار ابن عفان للنشر والتوزيع، صفحة 281، جزء 2. بتصرّف.