المحافظة على الصلاة

فرض الله -تعالى- الصلاة على المسلمين، وحدّد كل صلاةٍ بوقتٍ، إذ قال: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] فالصلاة محددةٌ بأوقات لا بد من أدائها فيها، فذلك من أفضل الأعمال عند الله -تعالى-، كما ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَفْضَلُ الأعْمالِ الصَّلاةُ لِوَقْتِها، وبِرُّ الوالِدَيْنِ)،[٢] كما أنّ ذكر الصلاة في القرآن ارتبط بإقامتها وليس بأدائها، وإقامة الصلاة لا بدّ فيها من المحافظة على الصلاة في أوقاتها المحددة، قال -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)،[٣] كما حذّر الله من إضاعة الصلاة، أو التهاون فيها إذ قال: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا)،[٤] فإضاعتهم للصلاة كانت بعدم المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، ولذلك فالجدير بالمسلم المحافظة على الصلاة في وقتها المحدّد، وعدم إضاعتها، التزاماً بأوامر الله -سبحانه-، وبُعداً عن أي أمرٍ قد ينال العبد بسببه غضبه -تعالى-.[٥]


قضاء الصلاة الفائتة لسنوات

اختلف العلماء في حكم قضاء الصلاة الفائتة على العبد المسلم لعدّة سنواتٍ، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما وتفصيل أدلّة كل فريقٍ آتياً:[٦][٧]

  • الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: قالوا يجب على المسلم قضاء كل صلاة فاتته من بعد بلوغه، ولو كانت تلك الصلوات أكثر من خمسين صلاةً، احتجاجاً بأنّ مَن فاتته الصلاة مسلمٌ بالغٌ عاقلٌ يجب عليه الالتزام بأوامر الله، وأداء ما أوجب عليه من العبادات والطاعات ومنها الصلاة، التي تعدّ من أعظم الأعمال التي أوجبها الإسلام، وأعظم ركنٍ من أركان بعد الشهادَتَين، واحتجّوا أيضاً بعدم ورود أي دليلٍ ينصّ على سقوط قضاء الصلاة عند تأخيرها، كما أنّ التائب لا بدّ لكمال توبته وتمامها أن يؤدي ما عليه في ذمّته، كما استدلّوا بما ثبت في الصحيح أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا)،[٨] فقالوا إنّ الحديث السابق بدلّ على وجوب قضاء الصلاة على النائم والناسي وهما معذوران، والأولى قضاء الصلاة ممّن ليس معذوراً، واستدلّوا أيضاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ فاتته صلاته في غزوة الخندق، فقضاها بعد فوات وقتها، فقالوا إن غير المشغول بالجهاد أولى بالقضاء.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية: قال بعدم وجوب قضاء الصلاة الفائتة لسنواتٍ، إلّا أنّ الواجب التوبة، والاستغفار، واللجوء إلى الله، والإكثار من أداء النوافل من العبادات، فالتوبة تمحي وتغفر ما قبلها من الذنوب والمعاصي، فيصبح التائب كمَن لم يرتكب أي ذنبٍ، فذلك ممّا يرغّب بالتوبة، ويسهّلها على العباد، فإن وجب على العبد قضاء كلّ الصلوات التي فاتته ربما عَدَلَ عن التوبة، وقد صرّح الله -تعالى- بمحبّته لعباده التائبين، إذ قال: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٩] كما أنّ الله -سبحانه- يسّر التوبة لعباده، ورغّبهم بها.


المراجع

  1. سورة النساء، آية:103
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:85، صحيح.
  3. سورة البقرة، آية:43
  4. سورة مريم، آية:59
  5. محمد إسماعيل المقدم، لماذا نصلي، صفحة 4. بتصرّف.
  6. محمد بن صالح العثيمين (2/9/2008)، "ما رأي فضيلتكم فيمن ترك الصلاة في السنين الأولى من عمره، هل يقضي؟ "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
  7. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 260. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:684، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية:222