السجود

السجود من أعظم العبادات التي لا تؤدّى إلّا لله -سبحانه- قال -عزّ وجلّ-: "فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا"،[١] والسجود من صفات عباد الله المؤمنين الساعين لنيل رضا الله -سبحانه-، والفوز بالجنة، قال -تعالى-: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا"،[٢] وتترتّب العديد من الفضائل على السجود؛ منها: أنّه سببٌ لزيادة الحسنات والأجور ونيل المنازل الرفيعة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً"،[٣] كما أنّ السجود من مواضع استجابة الدعاء، قال -عليه الصلاة والسلام-: "أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ"،[٤] وغير ذلك من الفضائل العديدة المترتبة على السجود.[٥]


أعضاء السجود

يجب السجود على سبعة أعضاءٍ؛ وهي: الجبين مع الأنف، واليدَين، والقدَمَين، والركبتَين، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ"،[٦] فالحديث دلّ على الأمر بالسجود على سبعة أعضاءٍ، والأمر يدلّ على الوجوب، ونقل الإمام ابن جزي -رحمه الله- إجماع العلماء على ذلك.[٧]


أحكامٌ متعلقةٌ بأعضاء السجود

أكمل السجود

السجود الكامل يكون باستقرار أعضاء السجود -السابق ذكرها- على الأرض، وتمكينها منها، استدلالاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما ورد عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- أنّه قال: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان إذا سجدَ أمْكنَ أنفَه وجبهَتَه الأرضَ، ونحَّى يديه عن جنبَيهِ، ووضعَ كفَّيه حَذوَ مَنكِبَيه"،[٨] فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي".[٩][١٠]


أقلّ السجود

الحدّ الأقلّ من السجود يكون بوضع جزءٍ من كلّ عضوٍ من أعضاء السجود -السابق بيانها- على الأرض، واستقرارها عليها، أي أنّه يصحّ على سبيل المثال وضع جزءٍ من الجبين مع جزءٍ من الأنف على الأرض، إلّا أنّه لا يصحّ من المصلّي عدم وضع أي جزءٍ من العضو، ورفع كامل العضو عن الأرض، فلا بدّ من استقرار كامل الاعضاء على الأرض، أو استقراء جزءٍ من كلّ عضوٍ.[٩][١٠]


العجز عن السجود على بعض الأعضاء

يسقط وجوب السجود عن العضو الذي يُعجز عن السجود عليه، فعلى سبيل المثال: إن عجز المصلّي عن السجود على الجبين مع الأنف، فلا يسجد عليهما، ويسقط السجود عليهما فقط دون بقية الأعضاء، أي يجب السجود حينها على اليدَين والركبتَين والقدمَين دون الجبين مع الأنف، فكلّ عضوٍ من أعضاء السجود يقوم مقامه، ولا يتبع لغيره من الأعضاء، ولا يصحّ وضع أي شيءٍ؛ للسجود عليه، كالوسادة، فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للصحابي الذي لم يستطع السجود: "صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ".[١١][١٢]


المراجع

  1. سورة النجم، آية:62
  2. سورة الفتح، آية:29
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم:488، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:482، صحيح.
  5. فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ (9/1/2018)، "السجود لله عز وجل قرب وقربة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:812، صحيح.
  7. "أعضاءُ السُّجودِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2021. بتصرّف.
  8. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:270، حسن صحيح.
  9. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:6008، صحيح.
  10. ^ أ ب خالد بن إبراهيم الصقعبي، كتاب مذكرة القول الراجح مع الدليل الصلاة، صفحة 61. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:1117، صحيح.
  12. خالد بن إبراهيم الصقعبي، كتاب مذكرة القول الراجح مع الدليل الصلاة، صفحة 63. بتصرّف.