كيفية جمع صلاتي المغرب والعشاء

إنّ الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء يكون بأدائهما معاً في وقت واحدٍ، إمّا أن يكون بوقت صلاة المغرب فيكون جمع تقديم، وإمّا أن يكون بوقت صلاة العشاء فيكون بذلك الجمع جمع تأخير،[١] وتكون كيفيّة الجمع بالآتي:[٢]


  • أن يُؤذنّ أذان واحدٌ للصلاتين المراد جمعهما، وأن يُقام لهما إقامتان اثنتان، أيّ بعد الإقامة الأولى وأداء صلاة المغرب يُقام إقامةً ثانية لأداء صلاة العشاء دون أن يُفصل بينهما بفاصل طويل.[٣]


  • تُصلّى كل صلاة منفصلة عن الأخرى، فتُصلّى صلاة المغرب بركعاتها الثلاث، ثم يتمّ التسليم بعدها، وبعد ذلك يُشرع بصلاة العشاء بركعاتها الأربع.


  • مراعاة الترتيب في الجمع، سواء أكان جمع تقديم أو تأخير؛ فتُصلّى المغرب أولاً ثمّ العشاء.[١]


  • لا يكون أداء السنن بين الصلاتين؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ المصلّي إذا جمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم لم يتنفّل بينهما، إنّما يُؤخر أداء السنن إلى حين الانتهاء من الجمع؛ فيُصلّي سنة المغرب، ثم سنّة العشاء، ثم الوتر، وكذلك إذا صلّى المغرب والعشاء جمع تأخير، فإنّ أداء السنن تكون بعد الجمع.[٤]


شروط صحة جمع الصلوات

وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب مراعاتها عند الجمع بين الصلوات؛ سواء أكان الجمع جمع تقديم، أو جمع تأخير؛ ويمكن بيانها على النحو الآتي:[٥]


  • شروط صحة جمع التقديم

ذهب جمهور الفقهاء القائلين بجواز الجمع إلى أنّه يُشترط لجمع التقديم ما يأتي:

  • عقد النيّة على الجمع بين الصلاتين جمع تقديم، ويكون محلّها أول الصلاة الأولى، ويجوز أن تُعقد النيّة في أثناء إلى قبيل الانتهاء منها.
  • البدء بالصلاة الأولى من الصلاتين المراد جمعهما، كالبدء بصلاة الظهر وتقديمها على العصر، والبدء بصلاة المغرب وتقديمها على العشاء؛ لأنّ الوقت يكون للصلاة الأولى، بينما تكون الصلاة الثانية تبع لها.
  • الموالاة بين الصلاتين؛ أيّ التتابع في أدائهما دون فاصل طويل.
  • دوام السفر عند البدء بالصلاة الأولى والانتهاء منها، وعند البدء بالصلاة الثانية.


  • شروط صحة جمع التأخير

يشترك جمع التأخير للصلوات مع جمع التقديم ببعض الشروط على اختلاف بسيط بينها؛ مراعاةً للتأخير والتقديم، ويمكن بيان ذلك بالآتي:

  • عقد النيّة على الجمع بين الصلاتين جمع تأخير قبل خروج وقت الصلاة الأولى، فلو أُخرّت الصلاة دون نيّة كانت قضاءً، وأثم صاحبها.
  • دوام السفر إلى تمام الصلاتين، فإنّ أقام المسافر قبل تمامهما كانت الأولى قضاءً على مذهب الشافعيّة، بينما اشترط الحنابلة دوام السفر إلى بدء وقت الصلاة الثانية.
  • البدء بالصلاة الأولى ثم الثانية، أيّ مراعاة الترتيب بينهما.[٦]
  • الموالاة بين الصلاتين -كما أشرنا إلى ذلك-.[٦]


مسوغات جمع الصلوات

اتفق العلماء على مشروعيّة الجمع بين الصلوات، أيّ بين جمع صلاتي الظهر والعصر، وصلاتيّ المغرب والعشاء، بدلالة العديد من الأحاديث النبويّة التي تدلّ على مشروعيّة الجمع، من ذلك ما ثبت في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- في صفة حجّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: (... ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بيْنَهُما شيئًا...).[٧]


ومع اتفاق العلماء على مشروعيّة الجمع، إلا أنّ آراءهم قد تعددت في أسباب الجمع المشروعة، ويمكن بيان ذلك بالآتي:[٨]

  • السفر

ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى جواز الجمع بين الصلوات في السفر الذي يجوز فيه القصر، سواء أكان جمع تأخير أو جمع تقديم؛ استدلالاً بما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أخَّرَ الظُّهْرَ إلى وقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمع بيْنَهُمَا...).[٩]


  • المرض

ذهب المالكيّة والحنابلة إلى جواز جمع المريض للصلوات؛ لعموم الحديث الثابت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (صَلَّى رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ...)،[١٠] وفي رواية أخرى: (... من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ...).[١١]


وأجاز المالكيّة للمريض جمع التقديم فقط؛ وذلك لمن خشي الإغماء أو الحمّى ونحوها من الأمراض، فإن سلم منها أو لم يُصبه شيء أعاد الصلاة الثانية في وقتها. وعلّل أهل العلم القائلين بجواز الجمع للمريض بأنّ المشقة الحاصلة بالمرض أشدّ من مشقة السفر، لذا جاز الترخّص بالجمع.


  • المطر والبرد والثلج ونحو ذلك

ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الجمع بين الصلوات عند المطر الذي يبلل الثياب، وعند البرد والثلج؛ وذلك استدلالاً عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- الذي أشرنا إليه في جواز الجمع عند المرض، ولكن ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ الجمع بسبب المطر والبرد والثلج يكون بين صلاتي المغرب والعشاء فقط؛ لأنّ المشقة فيهما مع المطر أشدّ، بينما أجاز الشافعيّة الجمع بين الظهر والعصر أيضاً.


ومن الجدير بالذكر أنّ آراء العلماء متعددة في حكم الجمع عند الريح الشديدة؛ فالمالكية والشافعيّة والحنابلة في أحد الأقوال رأوا المنع، وأجاز الحنابلة في قول آخر الجمع بشرط أن تكون الريح شديدة، وباردة.

المراجع

  1. ^ أ ب "كيفية جمع الصلوات"، إسلام ويب، 13/1/2011، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2023. بتصرّف.
  2. عبد الله الزيد، تعليم الصلاة، صفحة 34. بتصرّف.
  3. عبد الكريم الخضير، شرح بلوغ المرام، صفحة 28، جزء 17. بتصرّف.
  4. الشيخ نوح علي سلمان (15/7/2012)، "صلى المغرب والعشاء جمع تقديم هل تسقط السنة"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2023. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 287-288، جزء 15. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 417، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  8. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 414-420، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1112، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:705، صحيح.
  11. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:187، صححه ابن العربي وقال الألباني صحيح.