كيفية قصر الصلاة للمسافر

يسّر الله -سبحانه- على عباده في السّفر، فشرع لهم قصر الصلاة لرفع الحرج والمشقّة عنهم، ويُقصد بقصر الصلاة: "اختصار الصلاة الرباعية إلى ركعتين"، فتُصبح شبيهةً بكيفيّة أداء صلاة الفجر، وبناءً على ذلك تكون كيفية قصر الصلاة للمسافر بأداء صلاة الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، أمّا صلاة الفجر والمغرب فلا يُشرع فيهما القصر،[١] ودلّ على كيفية قصر الصلاة ما يأتي:


  • ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (صَحِبْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَكانَ لا يَزِيدُ في السَّفَرِ علَى رَكْعَتَيْنِ، وأَبَا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ كَذلكَ رَضِيَ اللهُ عنْهمْ).[٢]
  • ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ).[٣]


ونذكر بعض الأمور الأخرى المتعلّقة بأداء صلاة القصر للمسافر فيما يأتي:[٤]

  • صلاة المسافر خلف المقيم

إذا صلّى المُسافر خلف المقيم فعليه أن يُتمّ صلاته مع الإمام دون أن يقصرها، حتى لو أدرك الإمام في آخر ركعةٍ أو أقلّ من ذلك على قول أكثر أهل العلم، فقد أخرج الإمام مسلم عن ابن عمر -رضي الله عنه- فقال: (كانَ ابنُ عُمَرَ إذَا صَلَّى مع الإمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا، وإذَا صَلَّاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ).[٥]


  • السنن الرواتب

يُسنّ للمسلم المسافر أن يترك أداء صلاة السنن الرواتب باستثناء سنّة الفجر وصلاة الوتر، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحافظ عليها في الحضر والسّفر، وأمّا صلاة النّفل والتطوّع المطلق أو الصلوات ذوات الأسباب فهي مشروعةٌ في الحضر وفي السفر؛ كصلاة الضحى، وقيام الليل، وسنّة الطواف، وتحية المسجد، ونحوها.


حكم قصر الصلاة في السفر

فصّل الفقهاء في حكم قصر الصلاة للمسافر وما يترتّب على إتمامها على النحو الآتي:[٦]

  • الحنفية والمالكية

قصر الصلاة في السّفر مطلوبٌ من المُسافر لا جائزٌ فحسب، ويرى الحنفيّة أنّه واجب، ولكنّ الواجب عندهم أدنى من الفرض، وبناءً على ذلك يُكره عندهم للمسافر أنْ يُتمّ صلاته، ويكون مُسيئاً لتركه للواجب.


أمّا المالكية، فقالوا إنّ قصر الصلاة في السّفر سنَّةٌ مؤكّدة، وهي أوْكد من صلاة الجماعة، ولكن إنْ أتمّها المُصلّي فلا يؤاخذ على ذلك، ولا يُعتبر مسيئاً كما قال الحنفية، ولكن يُحرم من ثواب السنة المؤكّدة فقط.


  • الشافعية والحنابلة

قالوا يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة الرّباعية ويجوز له أنْ يتمّها.


شروط قصر الصلاة في السفر

يُشترط لقصر الصلاة في السفر العديد من الشروط المهمّة، وهي:[٧]

  • نية السفر

اتّفق الفقهاء على اشتراط عقد نيّة السفر لجواز قصر الصلاة، فمن خرج من بيته وقطع مسافةً طويلة دون أنْ يقصد السفر فليس له أنْ يقصر الصلاة.


  • تجاوز مسافة القصر

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المسافة التي تُبيح للمسافر قصر الصلاة ما يُماثل مسيرة يومين كاملين فأكثر، وتُقدّر بِـ 80 كم تقريباً.


  • تجاوز عمران البلد الذي خرج منه المسافر

يُشترط لجواز قصر الصلاة أنْ يتجاوز المسافر عمران بلدته، أي يتجاوز عمران محلّ إقامته ببدنه لا ببصره فقط.


  • أن يكون السفر مباحاً

ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط أن يكون السفر لأمرٍ مباحٍ شرعاً لا لمعصيةٍ -كقطع الطريق أو فعل معصيةٍ وفاحشة ونحو ذلك-، وإلّا لا يجوز قصر الصلاة.


  • نية قصر الصلاة (على خلاف بين الفقهاء)

اشترط الشافعية والحنابلة لجواز قصر الصلاة أن ينوي المسافر القصر عند كلّ صلاةٍ رباعية، وإذا لم ينوِ أتمّ صلاته، بينما ذهب الحنفية إلى عدم اشتراط نية قصر الصلاة، وقالوا إن نيّة السّفر تكفي، وذهب المالكية إلى اشتراط نية القصر في أوّل صلاةٍ يقصرها المسافر، ثمّ بعد ذلك لا يلزم تجديدها في الصلوات الأخرى.

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1338، جزء 2. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1102، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:350، صحيح.
  4. سعيد القحطاني، صلاة المسافر (السفر وأحكامه في ضوء الكتاب والسنة)، صفحة 56-61. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:694، صحيح.
  6. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 427، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 408-412، جزء 1. بتصرّف.