حكم السجود قبل الإمام

يحرم مسابقة المأموم للإمام في السجود وفي غيره من الأفعال في الصلاة، وقد وصف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مَن يُسابق إمامه بأمرٍ تنفر منه النّفوس؛ للدلالة على أهمية الاقتداء بالإمام ومراعاة الضوابط الشرعية في صلاة الجماعة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (أَما يَخْشَى أحَدُكُمْ -أوْ: لا يَخْشَى أحَدُكُمْ- إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ، أنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟! أوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ).[١][٢]


أمّا هل تبطل صلاة مَن سجد قبل الإمام أم لا؟ فقد فصّل الفقهاء في الحكم تِبعاً لعدّة اعتباراتٍ؛ ومنها تعمّد ذلك أو نسيانه أو الجهل به ونحوها من الأمور، وتوضيح ذلك فيما يأتي:[٣]

  • الحنفية

ذكر الحنفية من مكروهات الصّلاة مسابقة المأموم للإمام في أفعال الصلاة إذا شاركه في نفس الفعل؛ كأن يسجد قبل أن يسجد الإمام بقليل، أو يرفع من السجود قبله بوقتٍ قصيرٍ، لأنّ المأموم مأمورٌ بالاقتداء، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تُبادِروني بالرُّكوعِ والسُّجودِ...)، [٤]وهذا إذا شاركه في الفعل نفسه، أما إذا لم توجد المشاركة أصلاً فسدت صلاة المأموم.

  • المالكية

مَن سبق الإمام في غير تكبيرة الإحرام والتسليم؛ كمن سبقه في الركوع أو السجود أو الرفع منهما فصلاته لا تبطل، ولكنّه ارتكب مخالفة ممنوعة مع الحكم بصحّة الصلاة، وهذا في حال سبق إمامه في السجود وانتظره حتى سجد، أمّا إذا سبقه دون أن يشاركه في فرض السجود أصلاً بطلت صلاته إذا تعمّد فعل ذلك.

  • الشافعية

إذا سبق المأموم إمامه بركنٍ واحدٍ أو أقل لم تبطل صلاته باستثناء تكبيرة الإحرام؛ فسَبْقُ الإمام فيها أو مقارنته إياها سببٌ لبطلان صلاة المأموم.

  • الحنابلة

إذا سجد الإمام قبل إمامه فعليه أن يرفع ويتبعه، فإن لم يفعل ذلك عامداً حتى لحقه الإمام بطلت صلاته، أمّا إذا كان ناسياً أو جاهلاً بحكم ذلك فصلاته صحيحة، فإن سجد ورفع من السجود أيضاً قبل الإمام بطلت صلاته إن كان عامداً، أما إن كان ناسياً وجوب المتابعة أو جاهلاً بذلك فتبطل هذه الركعة فقط، وإن سبق الإمام بركنين بطلت صلاته، ويُعذر الناسي والجاهل بالحكم في ذلك فلا تبطل صلاتهم.


ماذا يفعل من سبق الإمام في السجود؟

مَن سبق الإمام في ركنٍ من أركان الصلاة فعليه أن يرجع معه ثمّ يتبعه في فعله، فمن رفع من السجود قبله عليه أن يرجع فيسجد معه ويرفع بعده، وكذا إذا سبقه فسجد قبله، فإن لم يفعل المأموم ذلك عامداً بطلت صلاته، ووجب عليه أن يُعيدها، أمّا إن كان جاهلاً بذلك لم تبطل صلاته ولا يُطلب منه إعادتها.[٥]


أهمية الاقتداء بالإمام في الصلاة

إنّ لصلاة الجماعة أحكاماً وضوابط يجب مراعاتها، وأهمّها الاقتداء التام بالإمام، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فلا تَخْتَلِفُوا عليه، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وإذَا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ، وأَقِيمُوا الصَّفَّ في الصَّلَاةِ، فإنَّ إقَامَةَ الصَّفِّ مِن حُسْنِ الصَّلَاةِ).[٦]


وهذا الحديث النبويّ الشريف يُبيّن أهمية متابعة الإمام وعدم مسابقته أو التأخّر عنه، إذ إنّ مسابقته أو التأخّر عنه كثيراً قد يؤدّي إلى بطلان الصلاة في العديد من الحالات إذا كان المأموم متعمِّداً فعل ذلك، ولذلك أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المأموم أن يتبع الإمام دون أن يتقدّم أو يتأخّر عنه، ثمّ بيّن في الحديث كيفية متابعة الإمام والاقتداء به بعد أن أجملها.[٧]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:691، صحيح.
  2. النووي، رياض الصالحين، صفحة 486. بتصرّف.
  3. عبد المحسن القاسم (1428)، المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك (الطبعة 1)، صفحة 205-206، جزء 2. بتصرّف.
  4. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم:2229، أخرجه في صحيحه.
  5. الشيخ ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 362. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:722، صحيح.
  7. فريق الموقع، "شرح حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 18/3/2023. بتصرّف.